قبيل إعلان الرئيس الأمريكي إنسحابه من الاتفاق النووي، قال الرئيس الإيراني حسن روحاني: «إيران يمكنها الالتزام بالاتفاق النووي الموقع عام 2015»، مضيفًا: «سنقاوم الضغوط الرامية للحد من نفوذنا في الشرق الأوسط».
وقال الرئيس الإيراني، إن الجمهورية الإسلامية كانت تعد نفسها لكل الاحتمالات، بما في ذلك الاستمرار في الاتفاق من دون الولايات المتحدة، ليظل يشمل الموقعين الأوروبيين، بالإضافة إلى الصين وروسيا، أو إلغاء الاتفاق برمته.
مفاوضات جديدة
نسبت وكالة الإعلام الروسية إلى القائم بأعمال نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف قوله، إنه سيكون من المستحيل الحفاظ على الاتفاق النووي مع إيران من دون أن تقدم طهران تنازلات.
ونقلت «إنترفاكس» عن «ريابكوف» قوله: «من الممكن مناقشة مستقبل الاتفاق النووي دون مشاركة أمريكا، وأضاف أن قرار ترامب بشأن إيران كان «متسرعا» في ظل المحادثات النووية بشأن شبه الجزيرة الكورية».
يذكر أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب قرر، الأسبوع الماضي، الانسحاب من الاتفاق النووي المبرم في عام 2015 مع إيران، وإعادة فرض عقوبات على طهران، مهددا بفرض عقوبات على أي شركات أجنبية تشارك في أنشطة هناك.
وفي 15يوليو 2015، أبرمت مجموعة «5+1» وإيران، بعد 22 شهرا من المفاوضات، اتفاقًا تاريخيًا حول البرنامج النووي الإيراني، نص على عدد من البنود التزم بها جميع الأطراف.
الرد الإيراني
قال الرئيس الإيراني، حسن روحاني، إن الاتفاق النووي سيبقى رغما عن أنف الولايات المتحدة الأمريكية، في حال ضمنت الدول الخمس الأخرى وقوفها بجانب بلاده.
ونقلت وكالة “مهر” الإيرانية عن الرئيس قوله «الاتفاق النووي سيبقى رغما عن أنف إرادة أمريكا والكيان الصهيوني حال ضمان الدول الخمس وقوفها بجانب طهران».
وتابع «نحن سعداء بأن إيران ملتزمة تمام الالتزام بأي اتفاقات وقعتها، ونحن نأسف للغاية لانتهاك الاتفاق النووي من قبل أحد أعضاء مجموعة الـ 5+1».
وأضاف: «إذا كانت الدول الخمس الأخرى، قادرة على الوفاء بالتزاماتها وضمان استمرار تحقيق مصالحنا، فإن هذا الاتفاق، رغما عن أنف أمريكا والنظام الصهيوني، سيبقى».
ووصف دونالد ترامب في كلمة له في البيت الأبيض الاتفاق النووي الإيراني بـ«الكارثي»، وأضاف «إذا سمحت باستمرار هذ الاتفاق سيصبح هناك سباق تسلح نووي في الشرق الأوسط».
ضمانات
أكد الرئيس الإيراني، حسن روحاني، أن إيران مستعدة للاستمرار بالاتفاق الدولي حول برنامجها النووي، فيما أكدت وزيرة الخارجية البريطانية، تيريزا ماي، أن الاتحاد الأوروبي سيناقش مقترحات للحفاظ على هذا الاتفاق.
وبحسب موقع الرئاسة الإيرانية، أكد روحاني، خلال اتصال هاتفي مع وزيرة الخارجية البريطانية، أن «حفظ الاتفاق النووي بدون الولايات المتحدة ممكن، أما بدون ضمان حق إيران فهو غير ممكن».
وأضاف أن «الضمانات يجب أن تكون واضحة وشفافة في حق إيران ببيع النفط، والارتباط البنكي، والاستثمار، وغيرها»، محذرا من أن «أي وضع كان موجودا قبل الاتفاق النووي وسيعود وسيظهر الآن ستتحمل أمريكا المسئولية عنه».
ونقلت الرئاسة الإيرانية عن ماي قولها إن «الاتحاد الأوروبي حضر مجموعة من الاقتراحات لحفظ الاتفاق النووي سيتم مناقشتها يوم الثلاثاء»، مؤكدة أن «حفظ الاتفاق هو هدف للاتحاد الأوروبي».
بنود الاتفاق
ومنذ أن كان مرشحًا للرئاسة، وعد ترامب بإلغاء الاتفاق الذي أبرمته إدارة أوباما، منتقدًا وجود «ثغرات كبيرة»، كما انتقد الاتفاق لأنه لا يتطرق بشكل مباشر إلى برنامج الصواريخ البالستية.
ويسعى ترامب إلى تعديل الاتفاقية بإضافة بعض البنود مثل السماح بشكل تام لخبراء الأسلحة النووية التابعين للوكالة الدولية للطاقة الذرية بالدخول إلى كافة المناطق العسكرية السرية الإيرانية.
من أبرز البنود، استمرار حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة على إيران لمدة خمس سنوات، فيما لن ترفع العقوبات المتعلقة بتسليح إيران بالصواريخ إلا بعد مرور ثماني سنوات.
كما نص على إلغاء جميع إجراءات الحظر الاقتصادية المفروضة على إيران دفعة واحدة، ومن بينها، إلغاء العقوبات الاقتصادية المفروضة على 800 شركة ومؤسسة تجارية واقتصادية.
وأعلنت الدول، التي وقعت على الوثيقة، في 16 يناير 2016، إطلاق تنفيذ خطة العمل المشتركة الشاملة، التي تقضي برفع العقوبات المفروضة على إيران بسبب أنشطتها النووية السابقة.
وفي المقابل قامت طهران بالحد من نطاق برنامجها النووي ووضعه تحت المراقبة الشاملة من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية، التي أكدت مرارا أن الحكومة الإيرانية تلتزم بالصفقة.
موقف أوروبا
وبفضل العلاقات الإيرانية الروسية، تحاول موسكو استقطاب مشاورات دبلوماسية لمحاولة إنقاذ الاتفاق، وأعلن الكرملين أن موسكو وحلفاءها في الفضاء الروسي سيوقّعون اتفاقًا للتجارة الحرة مع إيران، مرجّحًا تقاربًا روسيا – أوروبيًا نتيجة رفض الجانبين قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب الانسحاب من الاتفاق المُبرم عام 2015.
وكرّر وزير المال الفرنسي برونو لومير أن على أوروبا ألا تقبل تصرّف الولايات المتحدة مثل «شرطي اقتصادي عالمي»، متسائلاً: «هل نريد أن نكون خدمًا يطيعون القرارات التي تتخذها الولايات المتحدة، أم نريد أن نقول ان لدينا مصالحنا الاقتصادية، ونعتبر أننا سنواصل التجارة مع إيران»؟.
ورأى برونو لومير، أن الوقت حان لتظهر أوروبا سيادتها واستقلالها المالي، مشيرًا الى أنه اتصل بنظيره الأميركي طالباً إما استثناءات لشركات فرنسية تعمل في إيران، أو فترات زمنية أطول لبعضها، قبل تطبيق واشنطن عقوباتها. واستدرك أن لا «أوهام» لديه في شأن ردّ أميركي سخيّ.
واقترح تأسيس هيئة أوروبية تتمتع بالصلاحيات التي تمارسها وزارة العدل الأميركية في معاقبة شركات أجنبية نتيجة ممارساتها التجارية. واضاف: «هناك إدراك بين كل الدول الأوروبية بأننا لا نستطيع مواصلة الاتجاه الذي نسير فيه الآن، والذي نخضع فيه للقرارات الأميركية».