إندبندنت
تشير النتائج غير الرسمية للانتخابات البرلمانية العراقية بتقدم رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، في اقتراع يكتسب أهمية إضافية بسبب المواجهة المتصاعدة بين الولايات المتحدة وإيران. ومفاجأة الانتخابات حتى الآن هي الظهور القوي لرجل الدين الشيعي القومي مقتدى الصدر، في تحالف انتخابي مع الشيوعيين، ويُقال إنه في المرتبة الثانية، وفقًا لمسؤولي الانتخابات بشكل غير رسمي. ومن المتوقع أن تظهر النتائج الكاملة يوم الاثنين.
وجرت عملية التصويت في 12 مايو تحت حراسة مشددة، ولكن هذه المرة بدون هجمات داعش التي تسببت في وقوع عدد كبير من الضحايا، وهو دليل إضافي على أن الأمن في البلاد في حال أفضل مما كان عليه منذ عام 2003.وكانت نسبة الإقبال منخفضة، حيث بلغت 45%، وقد يكون سبب انخفاض عدد المصوتين هو خيبة الأمل العامة تجاه الأحزاب السياسية، كونها فاسدة وغير فعالة، وفي معظمهم لم يمتلكوا الكثير ليقدمونه خلال حملاتهم الانتخابية غير المشجعة.
ويعود الفضل إلى عبادي، الذي تولى منصبه بعد استيلاء داعش على الموصل في 2014، في تمكنه من استرجاع المدينة بعد حصار دام تسعة أشهر العام الماضي. وقد تبع هذا النجاح بوقت قصير عودة القوات المسلحة العراقية إلى كركوك التي كانت تحت السيطرة الفعلية للأكراد منذ عام 2003. لكن عبادي لا يترأس سوى حزب واحد من أربعة أو خمسة أحزاب وفصائل تتنافس على السلطة، والتي لن يحقق أي منها أغلبية في البرلمان الجديد.
وبالنظر إلى تجربة سابقة، لن يتم تشكيل الحكومة إلا بعد مساومات مطولة على المناصب العليا. وعلى الرغم من أن العديدين يُرجِعون الفضل إلى عبادي في نجاحه في التغلب على داعش والأكراد، فإن تحسن الوضع الأمني جعل العراقيين أكثر وعيًا بأن إعادة الإعمار بعد 15 عاماً من سقوط صدام حسين لم يتحقق بعد. ولا يزال توفير المياه والكهرباء والإسكان والبنى الأساسية للنقل أمور ضعيفة جدًا، على الرغم من عشرات مليارات الدولارات من عائدات النفط المهدورة أو إن صح القول المسروقة.
وتفسر الأهمية المتزايدة للقضايا الاجتماعية والاقتصادية الظهور الجيد المعلن لأتباع الصدر، الذين يأتون بشكل أساسي من فقراء الشيعة في بغداد وجنوب العراق. وكذللك فإن تحالفه مع الشيوعيين العلمانيين، الذين كانوا ذات يوم قوة سياسية قوية في العراق، أكد على راديكاليته الاجتماعية على عكس الولاء الطائفي الشيعي في وقت يشعر فيه العديد من العراقيين أن أحزابهم الدينية قد فقدت مصداقيتها. ويمتلك الصدريون نواة من الأتباع المتحمسين، ويتمتعون بتنظيم جيد ومهني في الانتخابات، مما يوحي بأنهم ربما استفادوا من نسب المشاركة المنخفضة. وقد قاد الصدر المقاومة الشيعية للاحتلال الأمريكي في 2004 حيث حوصر مرتين في النجف. وتساعده كذلك مكانة عائلته العالية، فوالده هو محمد صادق الصدر بجانب أن له اثنين من إخوته قد تم اغتيالهم بناءً على أوامر من صدام حسين عام 1999. وقد أعرب في أوقات مختلفة عن عداءه تجاه التدخل الأمريكي والإيراني في السياسة العراقية، وألقى باللوم عليهما في تأجيج العنف والانقسامات السياسية داخل البلاد.
ومن المؤكد أن الولايات المتحدة وإيران سيلعبان دورًا في تشكيل حكومة عراقية جديدة، إلى جانب دور تركيا والمملكة العربية السعودية الفرعي. فمنذ حرب الخليج الأولى عام 1991، كانت الولايات المتحدة وإيران متنافستين على النفوذ في العراق، لكن كان لهما أيضًا بعض المصالح المشتركة مثل معارضة صدام حسين، وبعد سقوطه معارضة تنظيم القاعدة وداعش. وقد تم تعيين السيد عبادي وسلفه نوري المالكي كرؤساء للوزراء، بعد أن اتضح لدى كل من واشنطن وطهران أنهم ملائمون. وستجعل الهجمات الشرسة التي يشنها الرئيس دونالد ترامب على إيران وفرض العقوبات بعد انسحابه من الاتفاق النووي الإيراني، هذا التعاون السري أكثر صعوبة.
ويحافظ القادة العراقيون على علاقات جيدة مع إيران والولايات المتحدة مما يعقد تشكيل حكومة ائتلافية مقبولة لكليهما. وسوف ترغب الولايات المتحدة في الحد من نفوذ المالكي وهادي العامري زعيم مجموعة سياسية شبه عسكرية، باعتباره قريب جدًا من إيران. وستسعى إيران من جانبها إلى الاحتفاظ بتأثيرها وتوسيعه. وفي حين أن الأكراد ضعفاء إلى حد كبير بسبب انقسامهم السياسي ونقص الأموال وضياع كركوك، سيظلون يلعبون دورًا مهمًا في تشكيل حكومة جديدة.