على مدار أعوام مضت، كانت العلاقات الأمريكية الإيرانية في توتر مستمر، إلى أن جاء الرئيس الأمريكي باراك حسين أوباما، واستطاع التوصل لاتفاق مع إيران للحد من أنشطتها النووية.
ومن أبرز بنود الاتفاق، استمرار حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة على إيران لخمس سنوات، فيما لن ترفع العقوبات المتعلقة بتسليح إيران بالصواريخ إلا بعد مرور ثماني سنوات.
كما نص على إلغاء جميع إجراءات الحظر الاقتصادية المفروضة على إيران دفعة واحدة، ومن بينها، إلغاء العقوبات الاقتصادية المفروضة على 800 شركة ومؤسسة تجارية واقتصادية.
وفي مقابل ذلك، قامت طهران بالحد من نطاق برنامجها النووي ووضعه تحت المراقبة الشاملة من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية، التي أكدت مرارًا أن الحكومة الإيرانية تلتزم بالصفقة.
ترامب
منذ بدأ حملته الانتخابية للرئاسة الأمريكية، شن «ترامب» هجوما على الاتفاق الذي أبرمته إدارة أوباما، ووصف الاتفاق النووي مع إيران بأنه «أسوأ اتفاق وقعته أمريكا في تاريخها».
ويسعى ترامب إلى تعديل الاتفاقية بإضافة بعض البنود مثل السماح بشكل تام لخبراء الأسلحة التابعين للوكالة الدولية للطاقة الذرية، بالدخول إلى كافة المناطق العسكرية السرية الإيرانية.
وقبل إعلانه الإنسحاب من الاتفاق النووي الإيراني، كشف محامي «ترامب»، عمدة نيويورك السابق رودولف جولياني، علنا عن رغبة سيّد البيت الأبيض في «تغيير النظام» بإيران.
ونقلت صحيفة «بوليتيكو» عن «جولياني»، في مؤتمر للمعارضة الإيرانية بأمريكا: «ترامب مهتم بنفس القدر بتغيير النظام في إيران، مثله مثل كل أولئك المجتمعين في هذا المؤتمر».
وزعم رئيس بلدية نيويورك السابق، أن تغيير السلطة في إيران هو «السبيل الوحيد للسلام في الشرق الأوسط»، وادعى أن «هذا أكثر أهمية من حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي».
كيف سيحدث ذلك؟
بدأت الولايات المتحدة الأمريكية بالفعل في محاولات تغيير النظام الإيراني، وذلك عبر الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني: والطريقتين هما:
(1) دعم المعارضة
بالأمس، ذكرت صحيفة «ديلى ميل»، اليوم تقاريرًا جديدة، مفادها أنّ إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تبحث عن وسائل لمساعدة الشعب الإيراني للإطاحة بالنظام المتشدّد بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووى الأسبوع الماضى.
ووفقًا للصحيفة البريطانية، أنّه بموجب الخطة الجديدة ستساعد الإدارة الأمريكية، الإيرانيين على إقصاء النظام الصارم في إيران الذى أصبح بالفعل في موقف ضعيف للغاية بعد أشهر من الاحتجاجات العنيفة والاقتصاد المنهار.
وأضافت أنّ تلك التفاصيل جائت من خلال وثيقة من 3 صفحات لدى مسؤولي مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض، والتي تقدّم استراتيجية ديمقراطية، من شأنها أن تعميق الفجوة بين الشعب الإيراني ونظام آية الله علي خامنئي.
وستعمل تلك الخطة على إعادة صياغة السياسة الخارجية تجاه إيران من خلال السعي صراحة إلى تغيير النظام، وهو أمر عارضته إدارة أوباما عام 2009، عندما كانت هناك احتجاجات شعبية مماثلة في الدولة العربية.
وقال أحد المسؤولين بمعهد الدراسات الأمنية المؤلفة للخطة، إنّ إدارة ترامب ليس لديها رغبة لنشر الدبابات للإطاحة مباشرة بالنظام الإيراني، ولكنها ستكون أكثر سعادة للتعامل مع حكومة ما بعد الملالي، وتحقيق التغيير السياسي الحقيقي وليس العسكري.
(2) الضغط الاقتصادي
وعلى الرغم من نفي البيت الأبيض في بيان رسمي كذب إدعاءات محاولات تغيير النظام الإيراني، إلى أنه في مقابلة مع «فوكس نيوز» في يناير الماضي، قال جون بولتون مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض، إن على الولايات المتحدة أن تتخذ خطوات مثل زيادة الضغط الاقتصادي على إيران وتقديم الدعم للمعارضة.
وأدى الاتفاق الذي وقع بين إيران والقوى الكبرى إلى رفع العقوبات الاقتصادية التي شلت الاقتصاد الإيراني مقابل الحد من برنامج إيران النووي، وكانت هناك مخاوف من استخدمام إيران برنامجها لإنتاج أسلحة نووية.
الباحثة في معهد (بروكنغز)، سوزان مالوني، كتبت قائلة: «بما أن المجموعة الكاملة من العقوبات الأمريكية، بما في ذلك فرض عقوبات على استيراد النفط الخام الإيراني، ستعود إلى مكانها، حال انسحاب ترامب، فإن الوضع الاقتصادي الإيراني الهش سوف يتدهور بالتأكيد».
وينص الاتفاق على أن بعض القيود التقنية المفروضة على الأنشطة النووية تسقط تدريجيًا اعتبارا من 2025، إلا أن ترامب يهدد برفض التوقيع على تمديد الالتزام بالاتفاق النووي في موعده المقرر في 12 مايو الجاري، حيث يجب على ترامب توقيع وثيقة بتجميد العقوبات كل 120 يومًا.
ويقول تقرير صندوق النقد الدولي، الصادر في مارس الماضي، إن الاقتصاد الإيراني شهد عودة قوية للنمو، في أعقاب رفع الحظر الغربي، متوقعاً أن ينمو الاقتصاد الإيراني بمعدل 4.3% في نهاية العام المالي 2017/ 2018، وبالتالي، فمن المتوقع أن تكون لنهاية الاتفاق النووي، حتى وإن كانت من الجانب الأميركي فقط، عواقب سيئة على النمو الاقتصادي في إيران.