ليلة أمس، أعلنت المفوضية المستقلة للانتخابات العراقية، النتائج الأولية للانتخابات البرلمانية في عشر محافظات، التي أظهرت تقدما لافتا لائتلاف «سائرون» بقيادة التيار الصدري وتحالف «الفتح» برئاسة القيادي في الحشد الشعبي هادي العامري، بينما لم يتصدر تحالف النصر بزعامة رئيس الوزراء حيدر العبادي في أي من هذه المحافظات.
وأرجأت المفوضية إعلان نتائج ثماني محافظات، كما لم تحتسب أصوات المقترعين من النازحين، ومصوتي الخارج، وفي تصريحات صحفية، نقلتها العديد من وكالات الأنباء، قال رئيس الإدارة الانتخابية في المفوضية رياض البدران، إن هذه النتائج أولية وجزئية للانتخابات التي جرت السبت، لعدم اكتمال التدقيق والفرز في كافة المراكز الانتخابية.
جيرمي بوين، محرر شؤون الشرق الأوسط في «بي بي سي عربي»، قال سيواجه من يفوز في الانتخابات ويصبح رئيسًا للوزراء صعوبات جمة، ليس فقط لإعادة إعمار العراق، بل المحافظة على توحيد البلاد واتخاذ خطوات لمنع عودة العراق إلى حرب أهلية، وليحدث هذا الأمر، يجب أن تنجح الحكومة الجديدة في جذب ثقة جميع العراقيين.
وأضاف «بوين» في مقال نشره «بي بي سي عربي»: «يعتقد معظم الناس أن منافس (عبادي) الأكثر جدية لرئاسة الوزراء هو (هادي العامري) الذي يرأس قائمة الفتح التي أصبحت المرجع السياسي لمقاتلي الحشد الشيعي ومؤيديهم، ويعتقد المنضوون تحتها أن الشعب العراقي سيظهر امتنانه لتضحيات الحشد في الحرب ضد تنظيم الدولة».
التدخلات الإيرانية
في تقرير لوكالة الأسوشيتد برس، نٌشر في 28 فبراير الماضي، أكدت أنّ نمو النفوذ الإيراني، يلعب دورًا كبيرًا في تعزيز موقع القوى الشيعية التي تقود حكومة بغداد خاصة بعد دحر تنظيم الدولة من المناطق السنية التي مازالت تواجه مشاكل النزوح والتهجير.
تقرير الأسوشيتد برس، أشار إلى أن إيران، وبفضل ميليشيات الحشد الشعبي الموالية لها، ستكتسب نفوذًا من شأنه أن يُعزز نفوذها أمام التيارات غير الموالية لها من الشيعة العرب أو السنة، ولهذه الأسباب، هناك شعور بعدم عدالة التصويت لدى السنة.
ويواجه المواطنون السنة مشاكل عديدة تعرقل مشاركتهم الفعالة في الانتخابات، فالكثير منهم في معسكرات النزوح يتحملون وطأة الدمار الذي لحق بالحرب، وتركوا يواجهون مصيرهم، حيث إن الكثيرين منهم ليس لديهم حتى الأوراق المطلوبة للتسجيل في التصويت.
وأثبتت تصريحات علي أكبر ولايتي مستشار المرشد الإيراني علي خامنئي للشؤون الدولية، خلال زيارته بغداد في 17 فبراير، أن إيران لن تترك الانتخابات العراقية دون محاولات الهيمنة عليها، حيث قال إن بلاده لن تسمح لليبراليين والشيوعيين بحكم العراق.
تحديات الانتخابات
وتُجرى الانتخابات النيابية العراقية هذا العام، في ظل متغيرات عديدة حيث يُشارك، للمرة الأولى، الحشد الشعبي العراقي في هذه الانتخابات، باعتباره طرفًا سياسيًا فاعلًا، ومتغيرًا جديدًا في الطبقة السياسية العراقية، خاصة في الشقّ الشيعي منها، معزَّزاً بالانتصار على «تنظيم الدولة».
ومن أبرز التحديات أيضًا التي تواجه الانتخابات العراقية، أنها ستُجرى في ظلّ إدارة أمريكية جديدة، بقيادة دونالد ترامب، الذي قرّر مواجهة إيران، والبداية كانت بالإنسحاب من الاتفاق النووي الإيراني الذي أُبرم في 2015، مع الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن بالإضافة لـ«ألمانيا».
الاستراتيجية الإيرانية تعتمد على محاصرة رئيس الوزراء، حيدر العبادي انتخابيًا، في ظلّ توجهاته ذات الميول الأمريكية، بطريقة متعاكسة تمامًا مع نهج نوري المالكي، الذي رهن العراق كاملًا لإيران، وترتفع حظوظ حيدر العبادي على ضوء نجاحاته في لجم الطموح الكردي بالاستقلال.
وبالفعل أبرزت إيران رجلها القوي في العراق هادي العامري، قائد الحشد الشعبي، على رأس كتلة انتخابية، بصرف النظر عن تحالفها مع العبادي، قبل أو بعد الانتخابات، مؤكّدًا حصده ما يكفي من المقاعد، ليكون الأقوى لتنفيذ مصالح إيران، وضبط إيقاع «العبادي» الأعوام القادمة.
اتهامات
فجر اليوم أعلنت المفوضية العليا للانتخابات العراقية، النتائج الجزئية الأولية للانتخابات، حيث حققت قائمة «سائرون» التي يدعمها الزعيم الشيعي مقتدى الصدر المركز الأول في بغداد، وحصلت على 413 ألف صوت، تلاها تحالف الفتح، ثم ائتلاف دولة القانون.
من جانبه، أكد المتحدث الإعلامي باسم مكتب زعيم «ائتلاف دولة القانون»، هشام الركابي، اليوم الإثنين، أن الائتلاف قد تقدم بشكوى إلى المفوضية العليا للانتخابات بشأن النتائج، وقال في تصريحات صحفية،، إن «شعبية دولة القانون أكبر من هذا المستوى».
وأرجع «الركابي» ذلك إلى «حدوث خروق في الانتخابات، وتهديد، وضغط على خيارات الناخبين، إضافة إلى العزوف عن الانتخابات في شرائح المجتمع العراقي»، وأضاف «قدمنا شكاوى للمفوضية العليا، وقمنا بإشعار الأمم المتحدة بالخروقات».
من جهة أخرى، اتهم رئيس كتلة التغيير البرلمانية النائب أمين بكر، مفوضية الانتخابات، بالتواطؤ مع الحزبين الحاكمين في إقليم كردستان، مشيرًا إلى أنه تم التلاعب بأجهزة العد والفرز وبالبرنامج الخاص بها، وبدأت تعطي نتائج مخزونة فيها بشكل مسبق.
وقال «بكر»، في بيان صحفي، «لدينا معلومات مؤكدة عن حادثة حصلت بأحد مراكز الاقتراع في السليمانية، حيث أظهر جهاز العد والفرز حصول الاتحاد الوطني الكردستاني في أحد الصناديق على 147 صوتًا، لكن وبالعد اليدوي وصل عدد أصوات المقترعين للاتحاد إلى 46 صوتا فقط».
وبالأمس، احتشد أنصار زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، في ساحة التحرير وسط بغداد، ابتهاجا بالفوز الذي حققته قائمة «سائرون» التابعة للتيار، مرددين هتافات نالت من إيران ونوري المالكي، وذلك عقِب إعلان النتائج الأولية للانتخابات في 10 محافظات.
وردد أنصار «الصدر» شعارات نالت من المالكي بالقول: «إيران برا برا بغداد تبقى حرة»، في إشارة إلى تراجع حلفاء إيران بالانتخابات، وكذلك «باي باي نوري المالكي»، القصد منها أن الأخير لن يحصل على منصب رئاسة الحكومة في المرحلة الجديدة.