مع تزايد عدد الضربات الإسرائيلية داخل سوريا على مدى السنوات الأربع الماضية، هناك مخاوف من أن يكون الهجوم التالي نقطة تحول.
وبلغت تلك المخاوف ذروتها يوم الخميس عندما استيقظ سكان حي تسوده الاضطرابات بالفعل على أنباء عن هجمات قبل الفجر، زعم مسؤولون اسرائيليون أنها استهدفت الوجود الإيراني في أنحاء البلاد.
كانت هذه الغارات ردًا على أول هجوم مباشر من جانب إيران على إسرائيل منذ قيام الثورة الإيرانية قبل 39 عامًا، وهي الفترة التي قُطعت فيها العلاقات الوثيقة السابقة، ووضعت الدولتين على طريق اعتقده قادة الدولتين المتعاقبون أنه سيفضى حتمًا إلى الحرب.
ورفع القصف الإسرائيلي من الاعتقاد بأن الخصمين في حالة صدام. مما أدى إلى إرسال الإسرائيليين إلى الملاجئ للمرة الأولى منذ عام 1973، وإثارة القلق في لبنان، وإثارة ذعر السوريين المنهكين من الحرب بالفعل.
ومع ذلك، فإن الأمر لا يمثل مرحلة جديدة في المواجهة الخطيرة.
فإيران في الوقت الراهن بحاجة إلى استيعاب الضرر الذي تسببه الطائرات الإسرائيلية. فالقادة الإيرانيون قد دفعوا العديد من الأرواح والمبالغ الطائلة من الأموال لتعزيز وجودهم على أنقاض سوريا، وأي انتقام من شأنه أن يهدد مكاسبها التي قد تغير موازين القوى في المنطقة قريبًا.
وبحلول مطلع هذا العام، أنشأ الجيش الإيراني، الذي يعمل بشكل رئيسي من خلال عدد هائل من وكلائه، ركيزة عسكرية تخللت معظم البلاد. وأيضًا كان يتحصن الجيش في قواعد تقاسمها مع القوات السورية وأحيانًا الروسية. وقد أتاحت حالة الفوضى فرصة غير مسبوقة لإيران لتعزيز وجودها الفعلي على أعتاب إسرائيل.
لقد تم حشد القوة العسكرية الإيرانية هناك من خلال جسر جوي منتظم من طهران، وفي الآونة الأخيرة عبر طريق بري آمن من قبل الموالين عبر غرب العراق وشرق سوريا. وكان قانون النخبة العسكرية الإيرانية منذ فترة طويلة أن يستخدموا الوكلاء في حروبهم البعيدة. لكن إغراء قصف إسرائيل بواسطة الصواريخ قصيرة المدى التي تطلقها قواتها غيّر المعادلة.
وكانت المواجهة المباشرة مع الدولة اليهودية هي رغبة بعض القادة العسكريين الأكثر نفوذًا في إيران، ومن بينهم الجنرال قاسم سليماني، والذي اتهم مسئولون إسرائيليون قواته بإطلاق 20 صاروخًا باتجاه مرتفعات الجولان في الساعات الأولى من يوم الخميس.
وكان سليماني، أكثر من أي شخص آخر، مسؤولًا عن المكاسب الإقليمية التي تحققت تحت اسم إيران منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة على العراق عام 2003. وقد نوه سليماني أن إسرائيل لا تزال بالنسبة لعشرات الآلاف من المليشيات الشيعية عمل غير منجز، وكذلك بالنسبة إلى الجيوش السيادية التي تحارب تحت اسمه ولو جزئيًا على الأقل.
ومن المرجح أن هجوم هذا الأسبوع هو انتقام للغارة الإسرائيلية على قاعدة سورية قرب حمص الشهر الماضي، والتي أودت بحياة ثمانية إيرانيين تقريبًا. وقبل ذلك، كان قد تم إطلاق طائرة إيرانية بدون طيار من سوريا إلى إسرائيل، وألحق غارات إسرائيلية ضررًا كبيرًا بأنظمة الدفاع الجوي السورية، والقواعد العسكرية التي تضم إيرانيين.
واستقر إيقاع الحرب الآن على الغارات والغارات المضادة، مع قيام الإسرائيليين بتحدى إيران لتفقد حزب الله، سلاحها الأقوى. وحتى الآن لم تكن هناك أي علامة على حدوث ذلك.
ولا يزال حزب الله، الجبهة المليشية-السياسية، متورط في سوريا، بلا رغبة منه في محاربة إسرائيل من الأراضي اللبنانية في الوقت الراهن، مع معرفته بالخطر من أمر كهذا على الدولة وعلى تنظيمه نفسه.
ويعتقد المسؤولون الإسرائيليون أن إيران تتعمد أن تبقى بعيدًا عن لبنان، التي لا غنى عنها في عملها في سوريا: والتي تناسب أنظمة توجيه الصواريخ التي يقول كبار الضباط العسكريين إنها قد تسقط صاروخ غير موجه داخل إسرائيل في نطاق 10 أمتار مربعة من هدفه.
ويقول المسؤولون أنهم أغاروا على محاولات لنقل صواريخ مجهزة قرب الحدود اللبنانية في وقت سابق، ويعتقدون أن حزب الله في جنوب البلاد ليس لديه القدرة بعد على تصنيعها.
وكلا الجانبين يعرف حدود الآخر جيدًا. فإيران تعرف أن وجودها المتزايد يزعج إسرائيل، ولكنها لديها صبر استراتيجي لتلقي الضربات التي توجهها لها الدولة اليهودية.
وإسرائيل تعرف أنه على الرغم من أن القصف الإيراني يشكل سابقة غير مرغوبة، إلا أنه كان انتقام شبه مؤكد، وليس أول قصف في حربهما المفتوحة، والذي لا يريدها أي منهما في الوقت الراهن.
لذا، فإن الشرارة التي يمكن أن تشعل حربًا لن تكون في فعل متعمد، لكنها ستكمن في الحسابات الخاطئة.