قبل إعلان الولايات المتحدة الأمريكية، إنسحابها من الاتفاق النووي الإيراني الثلاثاء الماضي، أعلنت المملكة المغربية، قطع علاقاتها الدبلوماسية، مع طهران، بعدما اتهمتها الرباط بدعم انفصاليو «البوليسارو».
واتهم وزير الشؤون الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، حزب الله اللبناني بالضلوع في إيصال الأسلحة، قائلًا: «كانت أول شحنة من الأسلحة مؤخرًا، وأرسلت عبر عناصر في السفارة الإيرانية في الجزائر.
ومنذ أن كان مرشحًا محتملًا للرئاسة الأمريكية، وعد ترامب بإلغاء الاتفاق الذي أبرمته إدارة أوباما، منتقدًا وجود «ثغرات كبيرة»، كما انتقد الاتفاق لأنه لا يتطرق بشكل مباشر إلى برنامج الصواريخ البالستية.
استمرار واشنطن في فرض المزيد من العقوبات على طهران والتلويح بإلغاء الاتفاق النووي يضع أوروبا في موقف حرج سياسيًا واقتصاديًا في آن واحد، إذ إنها باتت بين مطرقة وضع شركاتها وبنوكها لخطر انتهاك القانون الأمريكي حال التصميم على إلغاء الاتفاق من جانب، وسندان تزايد التوترات في الشرق الأوسط بصورة كبيرة، وما يترتب عليه من تراجع واضح للدور الأوروبي.
جامعة الدول العربية
غداة انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي مع إيران، أعلنت الجامعة العربية الأربعاء على لسان رئيسها أحمد أبو الغيظ تأييدها لمراجعة خطة العمل المشتركة التي أبرمتها قوى دولية مع إيران لمراقبة برنامجها النووي. كما انتقد أبو الغيظ سياسات إيران في المنطقة العربية التي تفضي إلى «عدم الاستقرار».
وقال أبو الغيط في تصريحات وزعها مكتبه في القاهرة وأدلى بها في تونس حيث يشارك في المؤتمر العام للمنظمة العربية للعلوم والتربية والثقافة (اليسكو)، إن «هناك حاجة لمراجعة اتفاق خطة العمل المشتركة التي أبرمتها قوى دولية مع إيران لمراقبة أدائها النووي».
وأضاف تعليقا على انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي مع إيران أن «الاتفاق الذي أبرم في 2015 كان يتناول بشكل حصري الشق النووي في الأداء الإيراني… ولطالما قلنا إن هذا العنصر على أهميته ليس العنصر الوحيد الذي يجب متابعته مع إيران لأنها تنفذ سياسات في المنطقة تفضي إلى عدم الاستقرار».
وتابع أن إيران «حتى بدون البعد النووي تتبع سياسات نعترض عليها لأنها تستند إلى الإمساك بأوراق عربية في مواجهتها مع الغرب»، وأوضح، أن قرارات القمم العربية الأخيرة «يتضح منها أن هناك ضيقا عربيا شديدا إزاء الأسلوب الإيراني في المنطقة العربية ورغبة في تغييره».
الخليج
على الساحة الخليجية، أعلنت كلا من السعودية والبحرين والإمارات مساء الثلاثاء الماضي تأييدها الخطوات التي أعلنها الرئيس الأمريكي لجهة انسحاب بلاده من الاتفاق النووي الإيراني.
وأعرب أمين عام مجلس التعاون الخليجي عبداللطيف الزياني، عن ترحيبه بقرار الولايات المتحدة الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران، وإعادة العقوبات التي كانت مفروضة عليها.
وقال الزياني، في بيان، إن «الموقف الذي اتخذه الرئيس الأمريكي موقف شجاع وجاء رغبة منه في ضمان خلو منطقة الشرق الأوسط من الأسلحة النووية، وردا على سياسات إيران العدائية في المنطقة، والقائمة على التوسع والهيمنة والتدخل في الشؤون الداخلية لدول المنطقة، ورعاية ودعم التنظيمات الإرهابية، ومواصلة تطوير برنامجها للصواريخ الباليستية، في مخالفة صريحة للقوانين والمواثيق الدولية، وبما يهدد أمن واستقرار المنطقة».
الحلفاء
وعلّق المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية يوم الأربعاء الماضي، إن بكين تأسف للقرار الأمريكي بالانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران، الذي تم التوصل إليه عام 2015، مضيفًا أن بكين مستمرة في الالتزام بالاتفاق.
وأضاف المتحدث جينج شوانج إن الاتفاق متعدد الأطراف، الذي تم التوصل إليه عبر مفاوضات مع القوى العالمية الست والاتحاد الأوروبي، ساعد في الحفاظ على نظام حظر الانتشار النووي الدولي وساهم في تحقيق السلام.
في دراسة حديثة صادرة عن معهد بيغن – السادات للدراسات الاستراتيجيّة في تل أبيب، نشرها موقع «نون بوست» حاولت إلقاء الضوء على المخاطر التي من الممكن أن تسفر عن خطوة ترامب الأخيرة، محذرة الإدارة الأمريكية من عدم الوقوع في هذا الفخ الذي سيقوض نفوذ واشنطن في المنطقة.
تجديد العقوبات وإلغاء الاتفاق سيدفع طهران إلى الارتماء في أحضان التنين الصيني، خاصة حال خضوع أوروبا لإملاءات ترامب، وهنا ربما تعيد إيران تشكيل خارطة تدفق الغاز الطبيعي لديها والذي يبلغ 24.6 مليار متر مكعب، رابع أكبر احتياطي في العالم ومرجح أن يصل إلى المركز الثاني مستقبلاً.
هذه الخطوة ووفق الدراسة ستُشكّل عاملاً رئيسيًا في السعي إلى تشكيل البنية المستقبلية للطاقة الأوراسية، مما قد يدفع طهران إلى تفضيل بكين بدلاً من أوروبا في تخصيص الفائض المتوقع خلال السنوات الخمسة القادمة، مما ينعكس إيجابًا على قوة الصين الاقتصادية ومن ثم السياسية.
جزئية أخرى حذرت منها الدراسة العبرية تتعلق بتشكيل تحالف يضم الصين والهند وروسيا يهدف إلى إحكام السيطرة على الشرق الأوسط وسحب البساط من تحت أقدام الولايات المتحدة، وهو ما ينعكس على إمكانية تسليح دول المنطقة بأسلحة متقدمة في ظل ما تشهده دول هذا التحالف المتوقع من إمكانيات هائلة، بعضها قد يصل إلى مرحلة التسليح النووي خاصة إن انضمت كوريا الشمالية إلى هذا التحالف مستغلة التوتر الشديد مع واشنطن.
وتسعى الصين إلى توسيع نفوذها في منطقة الشرق الأوسط في الآونة الأخيرة في محاولة لإحياء دورها العالمي مرة أخرى، وربما تجد في التحالف مع إيران بما لديها من إمكانيات وموارد فرصة سانحة لتحقيق هذا الحلم مستغلة تراجع الدور الأمريكي بشكل واضح.