وول ستريت جورنال
نفذ الجيش الإسرائيلي غارات ضد أهداف إيرانية في سوريا بعد إعلانه أن القوات الإيرانية المتمركزة هناك أطلقت صواريخ على جنودها في مرتفعات الجولان، مما زاد خطر نشوب حرب إقليمية أوسع، وهذا بعد يوم فقط من انسحاب الولايات المتحدة بقيادة الرئيس دونالد ترامب من الاتفاقية النووية الدولية مع طهران.
ويبدو أن هجوم إيران في الجولان هو المرة الأولى التي تطلق فيها إيران النار من سوريا على أهداف إسرائيلية. وقال الجيش الإسرائيلي أن عشرات المواقع العسكرية الإيرانية في جنوب ووسط سوريا قد قصفت. ووصف الجيش الإسرائيلي الغارات -التي ركزت على المواقع اللوجستية والمخابراتية ومواقع تخزين الذخيرة- أنها أكبر عملية ضد المواقع الإيرانية في سوريا على الإطلاق. وقال جوناثان كونريكوس المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي: “سيستغرق الإيرانيون الكثير من الوقت لتجديد هذه الأنظمة”.
وفي حادث منفصل أطلق متمردون حوثيون مدعومون من إيران في اليمن وابلًا من الصواريخ على السعودية يوم الأربعاء. وكان هذان الهجومان مؤشرين مبكرين على أن إيران وحلفائها يستعرضون قوتهم في الشرق الأوسط بعد قرار واشنطن.
وقد زادت الضربات من حدة التوتر في منطقة متوترة بالفعل، وأبرزت مخاطر المواجهة المباشرة بين إيران وإسرائيل في أعقاب خروج الولايات المتحدة من الاتفاقية النووية. أما إيران، فحتى الآن امتنعت عن أي رد انتقامي على الغارات الإسرائيلية الأخيرة على ممتلكاتها في سوريا.
وتأتي الاشتباكات المتزايدة في الوقت الذي تعمل فيه إدارة ترامب على حشد حلفائها للانضمام إلى الولايات المتحدة في مواجهة إيران وداعميها عبر الشرق الأوسط. كان أحد أكبر الانتقادات التي وجهها ترامب لاتفاقية الاحتواء النووي لعام 2015 مع إيران أنها لم تفعل أي شيء لوقف دعم طهران للجماعات المتمردة المزعزعة للاستقرار، والممتدة من لبنان إلى اليمن.
لكن مسؤولو البنتاغون كانوا معارضين على تحويل تركيزهم العسكري في سوريا على الدولة الإسلامية إلى القوات الإيرانية ووكلائها. فالقادة العسكريون قلقون من أن مواجهة إيران في سوريا سيسبب مشاكل خطيرة لآلاف من القوات الأمريكية الموجودة في العراق وسوريا.
عندما انسحب ترامب من الاتفاقية الإيرانية، أمر الجيش الأمريكي بوضع خطط جديدة “لمواجهة كل أشكال العدوان الإيراني المحتملة ضد الولايات المتحدة وحلفائنا وشركائنا بسرعة وحزم”. ولم يستطع المسؤولون الأمريكيون يوم الأربعاء تحديد كيف سيلعب هذا القرار دورًا للقوات الأمريكية في الأيام والأسابيع المقبلة.
وفي الوقت الحالي، قدمت إدارة ترامب دعمًا واضحًا لغارات إسرائيل التصعيدية داخل سوريا. وتفاقم قلق إسرائيل من الوجود الإيراني في سوريا، حيث أنها استخدمت دعمها للرئيس بشار الأسد لبناء قوتها العسكرية. وقالت إسرائيل إنها لن تسمح لإيران بضرب جذورها عميقًا في سوريا، وقد ضرب جيشها سلسلة من الأهداف الإيرانية في الأسابيع الأخيرة. وأقام رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وترامب علاقة عمل وثيقة. وتحدث نتنياهو كثيرًا مع ترامب عن الأنشطة العسكرية الإيرانية في الشرق الأوسط وخطط إسرائيل لضرب أهداف إيرانية.
وفي إعلانه يوم الثلاثاء بالانسحاب من الاتفاقية الإيرانية، أشار ترامب إلى العرض الذي قدمه الزعيم الإسرائيلي حول برنامج إيران النووي السري كمثال أساسي على الأسباب التي تجعل طهران غير جديرة بالثقة. كما وضع ترامب قائمة جديدة بالمطالب التي يجب على طهران الوفاء بها، بما في ذلك إنهاء “سعيها لتدمير إسرائيل”، وقطع دعمها للأسد في سوريا. وقال بعض منتقدي ترامب أن قرار الرئيس بإلغاء الاتفاقية الإيرانية يُزيد بالفعل من خطر المواجهة واسعة النطاق بين إسرائيل وإيران.
وقال الجيش الإسرائيلي أن قصف إيران في هضبة الجولان -الذي لم يسفر عن أية إصابات و اقتصرت الأضرار على الممتلكات فقط- جاء بعد الاشتباه في أن صواريخ إسرائيلية قد استهدفت قاعدة عسكرية مرتبطة بإيران جنوب العاصمة السورية دمشق يوم الثلاثاء، بعد وقت قصير من إعلان ترامب عن قراره بانسحاب الولايات المتحدة من الاتفاقية النووية مع إيران.
وقال الناطق باسم الجيش الإسرائيلي للإعلام العربي، أفيخاي أدرعي، أن إسرائيل قامت بضربات انتقامية ضد أهداف إيرانية في سوريا، وحذرت من أن أي تورط سوري ضدها “سيواجه بقسوة كبيرة”.
وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، كونريكوس، أن الصواريخ العشرين التي أطلقت على إسرائيل لم تسقط منها واحدة في البلاد، حيث أسُقطت أربعة منها بواسطة نظام القبة الحديدية الإسرائيلي، بينما سقط البقية في الأراضي السورية.
وقال المتحدث العسكري أن الهجوم الإيراني انطلق من مسافة 30 إلى 40 كيلومتر جنوب دمشق قرب بلدة الكسوة. وقال كونريكوس أن الهجوم الإيراني تم بإطلاق صواريخ من قاذفة متعددة الفوهات مثبتة فوق شاحنة متحركة. ووفقًا للمرصد السوري لحقوق الإنسان، فإن الجيش الإسرائيلي قد ضرب أهدافًا ليلة الثلاثاء في الكسوة، مما أسفر عن مقتل ثمانية إيرانيين.
وقالت وكالة الأنباء السورية الرسمية أن دفاعاتها العسكرية “تصدت” لصواريخ إسرائيلية، وأبلغت عن قصف إسرائيل في مدينة البعث السورية قرب الحدود الشمالية لإسرائيل. وفي وقت لاحق، قالت الوكالة أن موجة جديدة من الصواريخ الإسرائيلية تم اعتراضها في محيط العاصمة دمشق. وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، أبلغ نشطاء عن سماع دوي انفجارات في الجنوب والشمال الشرقي من المدينة.
وقالت الوكالة أن إسرائيل تستهدف بعض أنظمة الدفاع الجوي والرادار، ونشرت صورًا ومقاطع فيديو للدفاعات الجوية السورية تعترض على ما تقول أنه صواريخ اسرائيلية.
وتقوم إسرائيل بالاستعداد لرد إيران الانتقامي على عدد من الغارات المزعومة في سوريا، وبخاصة على هجوم الشهر الماضي عندما سقطت صواريخ اسرائيلية على قاعدة تسيطر عليها ايران في قلب سوريا. وقال المرصد أن ما يقرب 18 إيرانيًا قد قتلوا في ذلك الهجوم، رغم أن إيران نفت وقوع أي إصابات.
وقال كونريكوس أن فيلق القدس الإيراني، الذراع التابع للحرس الثوري الإيراني، كان وراء الهجوم ليلة الأربعاء. ورفض توضيح كيف عرفت إسرائيل عن دور فيلق القدس في الهجوم.
وقال الجيش الإسرائيلي في بيان: “جيش الدفاع الإسرائيلي ينظر إلى هذا الحدث بصرامة كبيرة، وما زال مستعدًا للتعامل مع كل السيناريوهات”.
ولم يجب مسؤول إيراني في بعثة الأمم المتحدة في البلاد على الفور على طلب التعليق.