يوم الثلاثاء الماضي، أعلن الرئيس ترامب انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الذي أبرمته ست قوى عالمية مع إيران للحد من أنشطتها النووية مقابل تخفيف العقوبات الاقتصادية عليها.
وقال إن الاتفاق، الذي تم إبرامه في عهد سلفه باراك أوباما، لم يتناول البرنامج الصاروخي الإيراني وأنشطة طهران النووية بعد 2025 أو دورها في الصراعات الدائرة في اليمن وسوريا.
ولم يذكر ترامب شيئا عن تقييمات دوائر المخابرات الأمريكية والوكالة الدولية للطاقة الذرية، التي يعمل مفتشوها في إيران، وتفيد تلك التقييمات بأن طهران ملتزمة بالاتفاق المبرم في 2015.
وبدلا من ذلك أشار إلى مجموعة من الوثائق الإيرانية التي نشرتها «إسرائيل» في 30 أبريل وقال إنها تظهر أن قادة إيران كذبوا عندما نفوا أن إيران لديها مشروع لامتلاك سلاح نووي.
سيناريو العراق
قال بول بيلار الذي كان كبير محللي الاستخبارات الأمريكية بالشرق الأوسط من 2001 إلى 2005 «ثمة أوجه شبه مزعجة وعجيبة» في إساءة استخدام الاستخبارات آنذاك والآن.
وأضاف «بيلار» في تصريحات لوكالة «رويترز» أن وجه الشبه الأساسي يتمثل في استخدام الاستخبارات «على نحو شديد التحامل والانتقائية أساسه (نحن نعرف لب الموضوع)».
وبدأت عملية غزو العراق في 20 مارس 2003م، من قبل قوات الائتلاف بقياده الولايات المتحدة الأمريكية وأطلقت عليه تسمية ائتلاف الراغبين، واعتمد على وجود جبهات داخلية بالعراق.
ورغم أن الحكومات الغربية وخبراء المخابرات لم يطعنوا في صحة هذه الوثائق، فقد قال منتقدون إنها لا تضيف جديدا يذكر للتقييمات السابقة التي تم من خلالها استنتاج أن إيران أوقفت مسعاها لتطوير أسلحة نووية في 2003. ووصفت إيران إدعاءات إسرائيل بأنها «طفولية وسخيفة».
وفي أعقاب هجمات 11 سبتمبر 2001 على الولايات المتحدة أعد الرئيس جورج دبليو بوش وكبار مساعديه المسرح لغزو العراق بالاستشهاد باستخبارات تقول إن الرئيس العراقي صدام حسين يرتبط بعلاقات بتنظيم القاعدة ويعمل سرا على تطوير أسلحة نووية وكيماوية وبيولوجية.
وثبت فيما بعد زيف هذين الزعمين، فقد ضخم بوش ومساعدوه معلومات المخابرات المتاحة واعتمدوا على أقوال مشكوك في صحتها أدلى بها عراقيون يعيشون في المنفى وتجاهلوا تضارب المعلومات، وفي بعض الأمور أخطأت وكالة المخابرات المركزية وشقيقاتها في مجال الاستخبارات.
سببت هذه الحرب أكبر خسائر بشرية في المدنيين في تاريخ العراق وتاريخ الجيش الأمريكي منذ عدة عقود. وأنتهت الحرب رسميا في 15 ديسمبر 2011، بإنزال العلم الأمريكي في بغداد وغادر آخر جندي أمريكي العراق في 18 ديسمبر 2011.
وثائق نتنياهو
واتهم «نتنياهو» -في مؤتمر صحفي يوم الإثنين قبل الماضي- إيران بتنفيذ برنامج سري للأسلحة النووية، عرف باسم «مشروع عماد»، وقال إنها واصلت متابعة المعلومات الجديدة بشأن الأسلحة النووية بعد إغلاق المشروع في 2003.
وأضاف «نتنياهو»: «إن وجود الملفات المزعومة يثبت أن إيران كانت تخزن مواد برنامج عماد سرا لاستخدامها في الوقت الذي تختاره لتطوير سلاحها النووي»، مضيفًا: «قدمنا نسخة من السجلات إلى الولايات المتحدة».
وتوصلت إيران والدول الست في 2 إبريل 2015 إلى بيان مشترك يتضمن تفاهمًا وحلولًا بما يتعلق بالبرنامج النووي الإيراني، ووفقا للاتفاق أيضا، يتعين على إيران خفض مخزونها من اليورانيوم المخصب بصورة كبيرة، وألا تخصب ما تبقى لديها من يورانيوم بما يكفي لإنتاج أسلحة نووية.
وقال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، إن الوثائق التي أعلنت عنها إسرائيل بشأن البرنامج النووي الإيراني الكثير منها جديد، وأضاف بومبيو، أميركا تعمل لإصلاح الاتفاق النووي الإيراني.
وحسب «رويترز»، قال البيت الأبيض، في بيان، إن المعلومات التي أعلنتها إسرائيل بشأن البرنامج الإيراني النووي توفر تفاصيل مقنعة بشأن جهود إيران لصنع أسلحة نووية يمكن إطلاقها عن طريق صواريخ».
حرب بالوكالة
بالفعل بدأت أمس حرب أمريكية ضد إيران بالوكالة، وقال جيش الاحتلال الإسرائيلي إن قوات إيرانية قصفت صواريخ على مواقعه في مرتفعات الجولان المحتلة، وأضاف أن الحرس الثوري الإيراني أطلق 20 صاروخا، ولم يحدد مكان أي إصابة على المواقع الإسرائيلية.
وكانت «إسرائيل» قد اتخذت يوم الثلاثاء الماضي، خطوة غير مسبوقة بإصدار أوامر للسلطات في الجولان المحتل بإعداد ملاجئ للمدنيين للحماية من القنابل، بعد تقارير عن «أنشطة غير معتادة» من قبل قوات إيرانية في سوريا.
ويأتي ازدياد التوتر في أعقاب إعلان، دونالد ترامب، انسحاب أمريكا من الاتفاق الدولي النووي مع إيران، وجاءت تلك الغارة فور إسقاط إسرائيل لما قالت إنه طائرة مسلحة بلا طيار انطلقت من سوريا في مهمة لمهاجمة «إسرائيل».
ويمثل الهجوم على مرتفعات الجولان التي تحتلها «إسرائيل»، المرة الأولى التي تقصف فيها قوات إيرانية «إسرائيل» من سوريا، حيث تنتشر بالإضافة إلى فصائل موالية لطهران لدعم الأسد في الحرب المستمرة منذ سبع سنوات.
واعتبرت «إسرائيل» أن فيلق القدس الذراع المسؤولة عن العمليات الخارجية للحرس الثوري هو الذي أطلق الصواريخ، وقال المتحدث العسكري، كولونيل جوناثان كونريكوس، إن قاسم سليماني هو من أمر بتنفيذ الهجوم.
وحسب مصادر سورية، فإن الرد الإسرائيلي تمثل بعشرات الضربات الصاروخية التي أصابت موقع رادار ومواقع دفاع جوي سورية ومستودعا للذخيرة، وهو ما يسلط الضوء على تصعيد أوسع ينطوي على إيران وحلفائها.