Harvard
في خطابه يوم الثلاثاء الماضي لإعلان الانسحاب منها، وصف ترامب خطة العمل الشاملة المشتركة بأنها “إحراج كبير” يفشل في “وقف طموحات إيران النووية”. وهذه الخطة معروفة باسم الاتفاقية النووية الإيرانية التي تفاوضت عليها الإدارة السابقة “إدارة أوباما” لوقف تقدم إيران نحو امتلاك الأسلحة النووية. وقال ترامب في خطابه أنه سيعيد فرض عقوبات على إيران ويسعي بعدها إلى اتفاقية أفضل.
ورداً على ذلك، قام خبراء الأمن القومي والنووي والإقليمي في مركز بيلفر للعلوم والشؤون الدولية في جامعة هارفارد، الذين قاموا بتقييم الوضع النووي الإيراني لسنوات، بدراسة كلام الرئيس وأبدوا رأيهم في أهمية تغيير سياسة واشنطن. وفيما يلي انطباعاتهم الأولية:
جراهام أليسون: أستاذ في الدراسات الحكومية، ومدير سابق لمركز بيلفر بجامعة هارفارد.
إذا لخصت رد فعلي في تغريدة فسأكتب: اختيار سيئ. وإذا أُتيحتلي كلمات أكثر فسأكمل: سيئ للولايات المتحدة وسيئ لحليفتنا إسرائيل، والتي هي أكثر قربًا من خط المواجهة. نعم، سيقوم رئيس الوزراء نتنياهو بالإطراء على القرار، لكن الأفراد الذين يتحملون مسؤولية بقاء إسرائيل وأمنها الخاص كانوا واضحين تمامًا: سيؤدي ذلك على الأرجح إلى نتيجة أسوأ بكثير، ليس فقط بالنسبة للولايات المتحدة ولكن أيضًا بالنسبة لإسرائيل.
وكما صرح رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، غادي إيزنكوت، والذي يقود قوات الدفاع، بصراحة في الآونة الأخيرة: “إن الاتفاقية الآن، بكل عيوبها، تعمل وتؤخر تحقيق الرؤية النووية الإيرانية من عشر إلى خمسة عشر سنة. فقبل الاتفاقية، تقدم البرنامج النووي الإيراني وأصبح على بعد عام واحد من امتلاك القنبلة الأولى. فالاتفاقية لم توقف هذا التقدم فحسب، بل أعادته إلى الوراء عقدًا من الزمن، وفرضت على إيران نظام التفتيش الأكثر تدخلًا على الإطلاق. ويمنح قرار ترامب إيران خيارًا للهروب من العقوبات. اختيار سيئ حقًا.
إرنست ج. مونيز: زميل متقدم في مركز بيلفر؛ والرئيس التنفيذي لمبادرة التهديد النووي، وزير الطاقة الأمريكي الأسبق، وكبير مفاوضي الاتفاقية النووية الإيرانية.
قرار الرئيس ترامب اليوم بالانسحاب من الاتفاقية النووية الإيرانية هو خطأ استراتيجي كبير، لا يدمر فقط قدرة الولايات المتحدة على منع إيران من الحصول على المواد اللازمة لصنع سلاح نووي، ولكنه يضعف أيضًا من قدرتنا على منع انتشار واستخدام الأسلحة النووية. ويضعف من عملنا مع حلفاء وشركاء في القضايا ذات الاهتمام العالمي، ويُصعب حماية مصالحنا في الشرق الأوسط لسنوات، إن لم يكن لعقودٍ قادمة.
وكانت الاتفاقية النووية قد حجمت من برنامج إيران النووي وفرضت إجراءات صارمة للرصد والتحقق – وكانت هذه هي أهم عناصر الاتفاقية، والتي كانت مفروضة بشكل دائم- لمنع البلاد من تطوير القنبلة. وتنتهك الولايات المتحدة الآن شروط الاتفاقية، دون تقديم بديل منطقي. ودومًا ما كانت الاتفاقية الإيرانية تتمثل في حرمان إيران من المواد النووية -اليورانيوم العالي التخصيب والبلوتونيوم- اللازمين لصنع سلاح نووي. وكما أكد المفتشون الدوليون، الذين كانوا في الميدان كل يوم منذ إبرام الاتفاقية: إيران قد التزمت بالاتفاقية.
ويُضاف إلى عواقب هذا القرار، تجاهل نصائح حلفاء أمريكا الأكثر أهمية عندما اتخذ ترامب قراره. وكان من الواضح جدًا أن البقاء في هذه الاتفاقية يصب في المصلحة الوطنية للولايات المتحدة. وصار من الصعب التكهن بما سيحدث الآن، لكن الرئيس تسبب في صدع كبير بين الولايات المتحدة وحلفائنا في أوروبا، وانسحب من العملية التي كان من شأنها أن تسمح بإجراء تحقيق شامل في أرشيف إيران، والذي كشفت عنه إسرائيل مؤخرًا.
نيكولاس بيرنز: أستاذ مختص في الشأن الدبلوماسي والعلاقات الدولية، وسفير الولايات المتحدة السابق في حلف شمال الأطلسي
إن تنصل الرئيس ترامب من الاتفاقية النووية الإيرانية هو قرار متهور وأحد أخطر أخطائه. فعلى الرغم من عيوب هذه الاتفاقية، إلا أنها قامت بتفكيك الجهاز النووي الإيراني، وحرمتها من إمكانية تطوير سلاح نووي لأكثر من عشر سنوات في المستقبل. وسيكون التحدي الأكبر الذي سيواجه ترامب هو إقناع الأمريكيين بأن قراره سيجعلنا أفضل حالًا. فهو يراهن على أن إيران ستوافق على التفاوض على اتفاقية جديدة وأكثر فائدة مع الولايات المتحدة. لكن كل الدلائل تسير في الاتجاه المعاكس. بجانب أن قرار ترامب سيعزلنا عن حلفائنا الأوروبيين، بجعلنا في وضع انتهاك للاتفاقية. كما أنه سيقوي موقف المتشددين في الحرس الثوري في طهران، الذين قد يسعون الآن إلى تحرير إيران من قيود الاتفاقية والسعي لامتلاك سلاح نووي جديد.
أين تقودنا استراتيجية ترامب؟ فمن أجل الوفاء بوعود قطعها أثناء حملة انتخابية غير مستنيرة، تخلى عن جهود استمرت لعقد من الزمن بواسطة إدارة أوباما وبوش من 2005-2015 لعزل ومعاقبة وإضعاف طموحات إيران النووية. والآن يعطي ترامب لإيران طريقًا جديدًا ممكنًا لصنع سلاح نووي، بجانب ما سيترتب على ذلك من مخاطر قيام حرب في السنوات القليلة القادمة.
وكما هو الحال في خروج ترامب من اتفاقية باريس للتغير المناخي واتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ، يبدو أنه لا يملك خطة استراتيجية لما سيحدث بعد ذلك.
وفي حين ينسحب ترامب من الاتفاقيات الدولية الرئيسية، فإنه لا يشير إلى خطة بديلة لأي منها. وبذلك، يعمل ترامب على زيادة تراجع دور القيادة الأمريكية الفريد. كما يقلل من مصداقيتنا ونفوذنا مع حلفائنا وكذلك خصومنا على حد سواء، وهذه أفعال قائد غير مسؤول.
إليزابيث شيروود راندال: زميلة متقدمة في مركز بيلفر؛ ونائبة سابقة لوزير الطاقة الأمريكي.
قرار ترامب بالانسحاب من جانبه فقط من خطة العمل المشتركة هو خطأ استراتيجي متهور له عواقب وخيمة. فقد امتثل الإيرانيون لبنود الاتفاقية بالكامل، ومنذ دخول الاتفاقية حيز التنفيذ في يناير2016 والعالم في أمان أكثر. وفي ظل ما فعله ترامب اليوم، فستقع المسؤولية الآن على الولايات المتحدة إذا اختارت طهران إعادة إطلاق برنامجها للأسلحة النووية.
ما فعله الرئيس لا يجعلنا أكثر أمنًا، لقد أبعدنا عن حلفائنا، وقدم هدية إلى المتشددين في إيران، وأضعف مصداقية الولايات المتحدة كشريك في المفاوضات، وعطل جهود منع الانتشار النووي العالمي، وزاد من مخاطر الحرب.
نواف عبيد: أستاذ زائر في مشاريع الاستخبارات والدفاع بمركز بيلفر
يعد القرار الذي اتخذه الرئيس ترامب اليوم بالانسحاب من خطة العمل المشتركة الشاملة خطوة ضرورية للغاية لتصحيح كارثة تاريخية قامت بها إدارة أوباما. فموطن ضعف النظام الإيراني هي اقتصاده الضعيف، وإعادة فرض العقوبات الاقتصادية لن يؤدي إلا إلى زيادة عزلة إيران عن النظام العالمي والاستثمارات الأجنبية، والتي تحتاج إليها للحفاظ على نظامها السياسي الفاشل.
ولم تقوض خطة العمل المشتركة الشاملة من إجراءات إيران الوحشية في سوريا والعراق وفي العالم العربي كله. لقد تم إبرام الاتفاقية لتقليص المشكلة الإيرانية مستقبلًا، وليس للتعامل معها. والآن، هناك فرصة أمامنا للتغلب على “المعضلة الفارسية”.
جاري سامور: المدير التنفيذي للبحوث بمركز بيلفر؛ ومنسق سابق للرقابة على الأسلحة في البيت الأبيض.
يعتقد الرئيس ترامب أنه يستطيع تدمير الاتفاقية النووية، وإعادة فرض العقوبات الاقتصادية الدولية، وإجبار إيران على التفاوض على اتفاقية أفضل. وهو مخطئ. ففي الوقت الحالي، تحاول إيران إنقاذ خطة العمل المشتركة مع الأطراف الأخرى في الاتفاقية (الدول الأوروبية وروسيا والصين). وتتعهد بالالتزام بالشروط النووية، إذا ما أعطتها الأطراف الأخرى ضمانات بأنها ستقاوم العقوبات الأمريكية الثانوية. ومع مرور الوقت، ومع تسبب العقوبات الثانوية في انخفاض المنفعة الاقتصادية العائدة على إيران، فإنها سوف تهدد بعدم التزامها بالقيود النووية المفروضة في إطار خطة العمل الشاملة المشتركة. ومع ذلك، ستكون إيران حذرة، وستتجنب أي عمل نووي قد يخاطر بإثارة أي رد عسكري أمريكي. فهدف إيران الأساسي هو تجنب المواجهة حتى انتخابات 2020، على أمل ألا يُعاد انتخاب ترامب.
ماثيو بَن: أستاذ الممارسة، ومشارك في الإشراف في جامعة هارفارد كينيدي على مشروع إدارة الذرة.
لقد قدم الرئيس ترامب هدية كبيرة للمتشددين في إيران، حيث أعطى لإيران حريتها لاستعادة قدرتها على تصنيع مواد نووية، وإيقاف عمليات التفتيش الدولية، بينما شوهت مناصري التعامل مع الغرب في إيران.
ويعزل قرار ترامب الولايات المتحدة، وليس إيران، باعتبارها بلدًا غير راغب في الوفاء بوعوده، بجانب أنه يزيد من خطر الحرب، أو حصول إيران على قنبلة نووية.
وسيظل من مصلحة إيران أن تبقى في الاتفاقية، والتي ستلقي باللوم على الولايات المتحدة، وتحد من رغبة الدول الأخرى في تطبيق العقوبات، وتقلل من خطر توجيه ضربات عسكرية لإيران.
شاك فريليك: زميل متقدم في مركز بيلفر؛ والنائب السابق لمستشار الأمن القومي الإسرائيلي. ومؤلف كتاب “الأمن القومي الإسرائيلي: استراتيجية جديدة لعصر التغيير”
هذا خطأ تاريخي قد يؤدي إلى امتلاك إيران للنووي. السؤال الحاسم هو ما إذا كانت هناك استراتيجية ناجحة بعد الانسحاب. والأمل في تغير النظام أو أن توافق إيران الآن على “اتفاقية أفضل” هي تطلعات مهمة، ستشكل نجاحًا كبيرًا إذا تحققت، لكنها ستحدث على المدى الطويل. في هذه الأثناء، تواجه إسرائيل أزمة متنامية مع إيران في سوريا. تخيل كيف سيكون رد فعل إسرائيل في غياب خطة العمل المشتركة، و[لو] أن إيران قد بدأت في برنامجها النووي، فقد يستغرق الأمر عامًا أو أكثر ليستكمل، وقد تواجه إسرائيل قريبًا أزمة مع إيران نووية.
مارتن ب. مالين: المدير التنفيذي لمشروع إدارة الذرة في مركز بيلفر
إن إعلان الرئيس ترامب أن الولايات المتحدة ستنسحب من جانبها من الاتفاقية النووية مع إيران، هو أكثر الأخطاء السياسة الخارجية فداحة حتى الآن، ترتكبه إدارة تبدو عازمة على تقويض النفوذ الأمريكي حول العالم. فقرار ترامب يدل على أنه لا يمكن الوثوق بالولايات المتحدة للوفاء بوعودها، بجانب أنه يعمق الصدع بين الولايات المتحدة وأقرب حلفائها الأوروبيين. وسيزيد هذا القرار من حدة التوتر في منطقة الشرق الأوسط المشتعلة بالفعل، في حين يعطي للمتشددين والمتحمسين للقنابل النووية في إيران ما يريدون. بالإضافة إلى أنه سيعطل عمل مجلس الأمن لما تبقى من إدارة ترامب وربما ما بعدها. وكذلك فإنه سيضعف قدرة الوكالة الدولية للطاقة الذرية على تنفيذ مهمتها في وقت قد تكون هناك حاجة خاصة لمراقبة الأنشطة النووية الإيرانية.
ستيفن إي. ميلر: مدير برنامج الأمن الدولي في مركز بيلفر؛ ورئيس تحرير “الأمن الدولي”
قد لا يكون قرار الرئيس ترامب بالانسحاب من خطة العمل المشتركة الشاملة والانتهاك الصريح لبنود الاتفاقية هدية لطهران فعلًا، لكنه على الأقل مؤذ للولايات المتحدة كما هو بالنسبة لإيران. فالقرار يعزل الولايات المتحدة ويجعلها في صورة الهادم للاتفاقية. وأضعف الثقة في الولايات المتحدة كشريك مفاوض- على الأقل مع إيران، إن لم يكن على نطاق أوسع.
أضف إلى ذلك، هذا القرار يبعد واشنطن عن حلفائها الأوروبيين، الذين يعارضون جميعًا بشدة هذه الخطوة. ويخلق فرصة لإيران للتعاون بشكل أوثق مع أوروبا وروسيا والصين بترتيبات تستثني الولايات المتحدة. وتتيح لإيران فرصة للهرب من الحدود المقيدة والتدقيق المكثف الذي فرضته خطة العمل الشاملة المشتركة عليها. وسيتطلب من الولايات المتحدة السعي لفرض عقوبات إضافية، في محيط لا يوجد فيها تعاطف كبير مع الموقف الأمريكي، لكنه يحترم امتثال إيران لخطة العمل الشاملة المشتركة.
كل هذا يضعنا أمام احتمال أن نكون في عالم لا تؤثر فيه العقوبات الأمريكية، لكن هناك إيران ببرنامجها النووي المتقدم بثبات. احتمال يشير نحو عودتنا إلى طريقة المواجهة البحتة، والتي أخفقت خلال أكثر من عشر سنوات في وقف التقدم النووي الإيراني.
وقد تحاول إيران إنقاذ الاتفاقية من خلال التعاون المستمر مع الأطراف الأخرى فيها، لكن إن لم يكن الأمر كذلك، فإن قرار ترامب سيكون قد خلق عالمًا فيه برنامج نووي إيراني بقيود وتفتيش أقل بكثير -وسيدفع ثمنًا باهظًا للقيام بذلك.
وليام توبي: زميل متقدم في مركز بيلفر، نائب المدير السابق لشؤون الدفاع عن معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية في الإدارة الوطنية للأمن والسلامة النووي.
قرار الخروج من خطة العمل المشتركة خطأ. فقد تكون للاتفاقية عيوبًا كبيرة، ولا سيما في مدتها الوجيزة نسبيًا، وفشلها في إجبار إيران على إعلان كامل وصحيح عن أنشطتها الخاصة بالأسلحة النووية -وهو أساس أي نظام تحقق فعال. ومع ذلك، فإن الانسحاب لا يؤدي إلا إلى تفاقم تلك المشاكل وتقصير المدة، والتخلي عن آليات الاتفاقية للتحقيق والرد في مسائل الامتثال.
ومن المفارقات أن إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو الأخير عن الخداع الإيراني قد فتح المجال لتحسين وتنفيذ خطة العمل المشتركة. ولسوء الحظ، استهزأ الرئيس ترامب بمناشدات أقرب حلفائنا واختار عدم الميل لهم.