بالأمس نفّذ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تهديده بالانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني، وإعادة فرض عقوبات على طهران، بالرغم من المحاولات الأوروبية لإقناعه بالعدول عن هذا القرار.
ووصف دونالد ترامب في كلمة له في البيت الأبيض الاتفاق النووي الإيراني بـ«الكارثي»، وأضاف «إذا سمحت باستمرار هذ الاتفاق سيصبح هناك سباق تسلح نووي في الشرق الأوسط».
وكان «ترامب» قد مدّد تخفيف العقوبات الاقتصادية على إيران بداية العام الجاري بموجب الاتفاق النووي، والذي يلزمه باتخاذ قرار حول تمديد تخفيف العقوبات على إيران كل أربعة أشهر.
لكن الرئيس الأمريكي كان قد اشترط موافقة من الأوروبيين من أجل «تصحيح الثغرات الكبيرة» في الاتفاق قبل 12 مايو، المهلة الأميركية المقبلة لاتخاذ القرار حول تمديد تعليق العقوبات.
ومنذ أن كان مرشحًا للرئاسة، وعد ترامب بإلغاء الاتفاق الذي أبرمته إدارة اوباما، منتقدا وجود «ثغرات كبيرة»، كما انتقد الاتفاق لأنه لا يتطرق بشكل مباشر إلى برنامج الصواريخ البالستية.
أزمة إيران الاقتصادية
وأدى الاتفاق الذي وقع بين إيران والقوى الكبرى إلى رفع العقوبات الاقتصادية التي شلت الاقتصاد الإيراني مقابل الحد من برنامج إيران النووي، وكانت هناك مخاوف من استخدمام إيران برنامجها لإنتاج أسلحة نووية.
قبل يومين، لفتت صحيفة «كيهان» الإيرانية، إلى أزمة سوق العملات الأجنبية التي تجتاح إيران مؤخرا، في ظل ارتفاع حدة التوتر مع أمريكا، بعد أن ارتفعت العملة الخضراء إلى نحو 7200 تومان في السوق الحرة.
واعترفت الصحيفة، بانهيار «التومان»، على الرغم من النفي الرسمي على لسان إسحاق جهانجيري المساعد الأول للرئيس الإيراني، قائلًا: «وسائل الإعلام تنشر أسعار غير واقعية عن سوق العملات بإيران».
وفي ظل تفاقم أزمة العملات الأجنبية في إيران، وارتفاع أسعار المسكوكة الذهبية المتداولة داخل إيران، قرر البنك المركزي الإيراني، إيقاف بيعها للمواطنين، خشية تناقص المدخرات الذهبية في ظل تصاعد مخاوف الإيرانيين مؤخرا.
الدور الإيراني بالمنطقة
بالطبع، ستؤثر العقوبات الأمريكية على الدور الإيراني بالمنطقة، ويرى كبير مستشاري مؤسسة «كونترول ريسكس» الأميركية، اليسون وود، في تعليقات نقلتها «سي إن بي سي» الأميركية، أن «انسحاب أميركا من الاتفاق النووي سيكون السيناريو السيئ للاقتصاد الإيراني».
وتعهد دونالد ترامب بأن تفرض واشنطن «أعلى مستوى من العقوبات الإقتصادية على النظام الإيراني»، وقال في كلمة من البيت الأبيض، إن الاتفاق لم ولن يحقق الهدوء والسلام في الشرق الأوسط، وردت إيران بأنها سوف «تبقى في الاتفاق» مع القوى الأخرى بدون أمريكا.
ففي العراق وكذلك في سوريا حيث تدعم طهران منذ 2011 نظام بشار الأسد، تؤكد إيران أنها تتصرف باسم أمنها الوطني ضد جهاديي تنظيم «داعش»، وفي اليمن، تدعم إيران المتمردين الحوثيين، كما تعتبر إيران نفسها في صدارة المقاومة لمواجهة «إسرائيل».
حروب إيران
في 3 يناير الماضي، نشرت صحيفة «لاستامبا» الإيطالية تقريرا، تحدثت فيه عن الأموال الطائلة التي تنفقها الحكومة الإيرانية في الحروب بالوكالة التي تقودها في الشرق الأوسط، في الوقت الذي يعاني فيه الشعب الإيراني من التهميش والبطالة. بحسب تقرير ترجمه موقع «عربي 21».
وأفادت الصحيفة بأنه وفقا للمعارضة الإيرانية، يعتبر الشعب الإيراني أحق بالأموال التي تصرفها الحكومة الإيرانية على الحروب بالوكالة في الشرق الأوسط، وذلك بالنظر إلى تأزم الوضع الاجتماعي وما يعانيه الإيرانيون من تهميش وبطالة وفقر.
وذكرت الصحيفة أنه لا توجد أرقام رسمية لقيمة هذه الأموال. لكن، ومنذ اندلاع ثورات الربيع العربي وظهور بوادر التوتر بين التيار الشيعي الذي تقوده إيران والتيار السني الذي يتفق مع سياسة الغرب المناهضة لإيران، أنفقت الحكومة الإيرانية عشرات المليارات من الدولارات؛ كي تتمكن من بسط نفوذها في الشرق الأوسط.
ونوهت الصحيفة إلى أن البنوك الإيرانية المملوكة للدولة أقامت خطوط ائتمان لحكومة بشار الأسد بقيمة 3.6 مليار دولار في سنة 2013 ومليار دولار في سنة 2015؛ للسماح لدمشق بشراء النفط والغاز والسلع الأخرى من إيران. من جانب آخر، قامت طهران بإنشاء «جسر جوي» يربط إيران بمطار المزة، الذي يقع جنوب غرب العاصمة السورية؛ بهدف تزويد المقاتلين الشيعة، الذين يقاتلون لصالح نظام الأسد، بالأسلحة والذخائر.
وأضافت الصحيفة أن قيمة رواتب المقاتلين الشيعة، خاصة الأفغان والعراقيين، بلغت 180 مليون دولار في السنة، حيث يبلغ مرتب الجندي الواحد 300 دولار في الشهر، كما تتكبد الحكومة الإيرانية أيضا نفقات التدريب والشحن والنقل، فضلا عن مصاريف عائلات المقاتلين الشيعة الذين لقوا حتفهم خلال الحرب في سوريا. بناء على ذلك، يبدو من غير الممكن أن تبلغ النفقات الإيرانية في الحرب السورية مليار دولار فقط، بل العشرات من مليارات الدولارات.