نشرت صحيفة نيو يورك تايمز مقالًا للكاتبين «ريك جلادستون، وساهيل تشينوي» يتحدثا فيه بتفصيل عما ترتب عن الاتفاقية النووية مع إيران، وجاء في نصه:
قيدت الاتفاقية النووية بين إيران والقوى الكبرى في 2015 من قدرات إيران النووية، وهذا في مقابل رفع العديد من العقوبات الدولية التي عزلت وأضعفت الجمهورية الإسلامية اقتصاديًا.
ولكن كيف قيدت الاتفاقية إيران، وماذا يمكن أن يحدث إذا انسحب الرئيس ترامب منها؟
وهذا ما سنطرحه هنا …
ما هي القدرات النووية التي امتلكتها إيران قبل الاتفاقية؟
يقول الخبراء أن إيران كان لديها القدرة التقنية لتصبح إحدى الدول المالكة للأسلحة النووية. وفي حين أكدت إيران مرارًا وتكرارًا أن برنامجها النووي مخصص للاستخدام السلمي فقط، فقد كدست مخزونًا من اليورانيوم -الذي بمزيد من التنقية- سيتحول إلى وقود للقنابل النووية.
وبحسب بعض المحللين، احتاجت إيران بضعة أشهر فقط لصنع وقود القنابل المطلوب. لكنها كانت ستحتاج إلى وقت أكبر بكثير لصنع رأس حربي قوي لصاروخ من أجل استخدام السلاح النووي.
وكانت إيران تمتلك من:
اليورانيوم: حوالي ثمانية آلاف كيلو.
ونجحت إيران في تخصيب 3.5% من اليورانيوم، ولو أرادت إيران تخصيبه ليصلح للاستعمال في صنع الأسلحة (بنسبة 90% وما أكثر)، فإن مخزونها يكفي لإمداد سبع رؤوس نووية بالوقود اللازم.
البلوتونيوم: لدى إيران القدرة على إنتاجه.
كان الهدف من إنشاء مفاعل آراك” للماء الثقيل في إيران هو توليد الكهرباء، لكن لما كان بإمكانهم أيضًا استخلاص البلوتونيوم من وقوده المستهلك، والذي يصلح كوقود للقنابل النووية، فقد استغلته إيران.
أجهزة الطرد المركزية: أكثر من 19 ألف جهاز.
كانت الآلات السريعة هذه تقوم بتخصيب اليورانيوم في مؤسستين رئيسيتين وهما: فوردو ونطنز.
الوقت المطلوب لصناعة السلاح: 3 أشهر أو أقل، هو الوقت الذي تحتاجه إيران لنتنج المواد الكافية لصنع قنبلة نووية واحدة.
وعكست القدرات النووية الإيرانية في الوقت الذي تم التوصل فيه إلى الاتفاقية، جهود إيران طويلة الأمد لاستخدام الطاقة النووية. وقد بدأت في الأمر قبل الثورة التي أطاحت بالشاه المدعوم من أمريكا عام 1979.
وإيران واحدة من الدول الموقعة على معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، التي تطالب باستخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية فقط.
وعلى الرغم من إنكار إيران المتكرر، بدأت الأسئلة تزداد منذ أكثر من 15 عامًا حول ما إذا كانت قد عملت سرًا لتطوير قدراتها على إنتاج الأسلحة النووية.
وبقيادة الولايات المتحدة، سعت القوى الغربية إلى الضغط على إيران بفرض عقوبات اقتصادية للحد من قدرتها المتزايدة باستمرار على تخصيب اليورانيوم وإنتاج البلوتونيوم، وهما وقود الأسلحة الذرية.
وبعد سنوات من المفاوضات غير المستقرة، تم التوصل إلى اتفاقية في عام 2015 بين إيران والقوى العالمية الكبرى -بريطانيا والصين وفرنسا وألمانيا وروسيا والولايات المتحدة، وقامت الأمم المتحدة بالتصديق عليها.
ما هي القدرات التي تخلت عنها إيران كجزء من الاتفاقية؟
بالنظر إلى توقف مجمعها النووي، وارتفاع درجة المراقبة من جانب مجموعة كبيرة من المفتشين، بجانب الحدود الأخرى التي فُرضت على إيران، فقد تم إقصاء أو تقويض فكرة أن تتمكن من صنع الأسلحة النووية سرًا.
وفي حين أن إيران قد وعدت كثيرًا بأنها لن تسعى أبدًا للحصول على أسلحة نووية، فإن الاتفاقية قدمت ما وصفه الخبراء بأنه ضمانات يمكن التحقق منها للمرة الأولى. وبها سُمِحَ للوكالة الدولية للطاقة الذرية بمراقبة مناجم ومصانع اليورانيوم الإيرانية لمدة 25 عامًا قادمة، وإنتاجها من أجهزة الطرد المركزي لمدة 20 عامًا.
وبجانب أن الأنشطة المتعلقة بالتسلح قد حُظرت بشكل دائم وكبير، فقد زادت الاتفاقية من الوقت اللازم لإنتاج قنبلة –وهو الوقت الذي ستستغرقه إيران لإنتاج ما يكفي من الوقود لقنبلة واحدة- من بضعة أشهر إلى سنة واحدة على الأقل.
وأصبحت إيران تمتلك بعد الاتفاقية من:
اليورانيوم: ما لا يزيد عن 300 كيلو جرام. فقد قللت اليورانيوم منخفض التخصيب إلى أقل مما تحتاجه قنبلة واحدة، لمدة 15 سنة، والبقية شُحنت إلى روسيا.
البلوتونيوم: تم الحد من إمكانية امتلاك الأسلحة. فقد تم إيقاف مفاعل آراك عن العمل، وسيؤدي هذا في نهاية المطاف إلى تقليل إمكانية استخدام البلوتونيوم في صنع الأسلحة. وتعهدت إيران بتصدير الوقود النووي المستهلك باستمرار.
أجهزة الطرد المركزية: تم تقليص عددها إلى الثلث.
تم تفكيك ما يقرب من 13 ألف جهاز طرد مركزي، وتخزينها تحت مراقبة مستمرة من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وسوف تبدأ الاستعادة التدريجية لهم بعد 10 سنوات.
الوقت المطلوب لصناعة السلاح: على الأقل عام واحد.
ما الذي حصلت عليه إيران في المقابل؟
تخفيف العقوبات:
تم إنهاء العمل بعقوبات الأمم المتحدة المرتبطة بالعمل النووي الإيراني. وأنهى الاتحاد الأوروبي الحظر على النفط الإيراني. وأنهت الولايات المتحدة تجميد مليارات الدولارات من الأموال الإيرانية المحتجزة، والمحتفظ بها في بنوك أجنبية، وأوقفت تطبيق العقوبات المتعلقة بالناحية النووية، وبشكل رئيسي على القطاع النفطي والمالي الإيراني.
مبيعات الطائرات:
سمحت الاتفاقية باستئناف بيع الطائرات التجارية إلى إيران بعد عدة سنوات من القيود الأمريكية، والتي جعلت الأسطول الإيراني قديم وفي خطر ومستنفذ. ووقعت شركة بوينج الأمريكية، وإيرباص الأوروبية وشركة ATR الفرنسية-الإيطالية، اتفاقيات بيع مع إيران. وبدأت شركة إيرباص و ATR فقط عمليات التسليم.
ما الذي لم تحصل عليه إيران؟
على الرغم من أن التوقعات بشرت بأن الاتفاقية النووية ستُحدث ازدهارًا استثماريًا في إيران وإغاثةً اقتصاديةً لثمانين مليون شخص هناك بعد سنوات من العزلة، فإن ذلك لم يحدث. فلا تزال العديد من العقوبات الأمريكية التي لا تتعلق بالشأن النووية سارية المفعول، بما في ذلك القيود واسعة النطاق على التجارة، وحظر استخدام إيران للنظام المالي للولايات المتحدة في التعامل مع الأعمال التجارية الدولية. وتجنبت العديد من الشركات الأجنبية التعامل مع إيران على الرغم من الاتفاقية، وكان السبب جزئيًا هو الخوف من انتهاك القواعد الأمريكية عن غير قصد، مما قد يعرض عملياتها في الولايات المتحدة إلى الخطر.
وكانت الاستثناءات البارزة من فرنسا، حيث وقعت شركة النفط العملاقة «توتال» اتفاقية بقيمة 5 مليارات دولار مع إيران في يوليو، من أجل تطوير حقل للغاز الطبيعي. ووقع صانعو السيارات الفرنسيون «بيجو سيتروين» و «مجموعة رينو» اتفاقيات لتجميع السيارات في إيران.
ماذا يحدث إذا انسحب ترامب من الاتفاقية؟
يعتمد ذلك إلى حد ما على استجابة الدول الأخرى الموقعة على الاتفاقية. وقد لمحوا أنهم سيواصلون احترام بنودها. لكن في حالة انهارت الاتفاقية، فقد أعلنت إيران أنها ستستعيد قدرتها على تخصيب اليورانيوم بسرعة، الأمر الذي سيجعلها أقرب إلى مسار التسليح. كما أشار المسؤولون الإيرانيون إلى أنهم قد يقدمون على الانسحاب من معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، التي من الممكن أن تؤدي إلى طرد مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، مما يُمكن إيران من المضي قدمًا في سرية أكبر.