«إيران يمكنها الالتزام بالاتفاق النووي الموقع عام 2015»، هكذا لمّح الرئيس الإيراني حسن روحاني، مضيفًا: «سنقاوم بضراوة الضغوط الأمريكية الرامية إلى الحد من نفوذنا في الشرق الأوسط».
وقال روحاني إن إيران كانت تعد نفسها لكل الاحتمالات، بما في ذلك الاستمرار في الاتفاق من دون أمريكا، ليظل يشمل الموقعين الأوروبيين، بالإضافة إلى الصين وروسيا، أو إلغاء الاتفاق برمته.
وأضاف الرئيس الإيراني في خطاب بثه التلفزيون الرسمي: «لسنا قلقين بشأن قرارات الولايات المتحدة المجحفة.. نحن مستعدون لكل الاحتمالات، ولن يحدث أي تغيير في حياتنا خلال الأسبوع المقبل».
وتابع: «إذا تمكنا من الحصول على ما نريد من الاتفاق من دون أمريكا، فإن إيران ستظل ملتزمة بالاتفاق. ما تريده إيران هو أن يضمن الموقعون غير الأمريكيين مصالحنا.. في هذه الحالة، فإن التخلص من الوجود الأمريكي المؤذي سيكون مناسبا لإيران».
الاتفاق النووي الإيراني
ويسعى ترامب إلى تعديل الاتفاقية بإضافة بعض البنود مثل السماح بشكل تام لخبراء الأسلحة النووية التابعين للوكالة الدولية للطاقة الذرية بالدخول إلى كافة المناطق العسكرية السرية الإيرانية.
وقال مسؤول بالبيت الأبيض إن ترامب «يتجه إلى الانسحاب من الاتفاق، لكنه لم يتخذ القرار بعد، ويبدو أنه جاهز لعمل ذلك، ولكن إلى أن يتم اتخاذ قرار من جانب الرئيس فالأمر ليس نهائيا».
وفي 15يوليو 2015، أبرمت مجموعة «5+1» وإيران، بعد 22 شهرا من المفاوضات، اتفاقًا تاريخيًا حول البرنامج النووي الإيراني، نص على عدد من البنود التزم بها جميع الأطراف.
من أبرز البنود، استمرار حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة على إيران لمدة خمس سنوات، فيما لن ترفع العقوبات المتعلقة بتسليح إيران بالصواريخ إلا بعد مرور ثماني سنوات.
كما نص على إلغاء جميع إجراءات الحظر الاقتصادية المفروضة على إيران دفعة واحدة، ومن بينها، إلغاء العقوبات الاقتصادية المفروضة على 800 شركة ومؤسسة تجارية واقتصادية.
وأعلنت الدول، التي وقعت على الوثيقة، في 16 يناير 2016، إطلاق تنفيذ خطة العمل المشتركة الشاملة، التي تقضي برفع العقوبات المفروضة على إيران بسبب أنشطتها النووية السابقة.
وفي المقابل قامت طهران بالحد من نطاق برنامجها النووي ووضعه تحت المراقبة الشاملة من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية، التي أكدت مرارا أن الحكومة الإيرانية تلتزم بالصفقة.
طهران تتمسك بالاتفاق
يقول دبلوماسيون إن طهران تفضل أن يظل الاتفاق قائما؛ خوفا من تجدد اضطرابات محلية بسبب الصعوبات الاقتصادية التي تفاقمت على مدى سنوات بسبب العقوبات.
وأدى الاتفاق الذي وقع بين إيران والقوى الكبرى إلى رفع العقوبات الاقتصادية التي شلت الاقتصاد الإيراني مقابل الحد من برنامج إيران النووي، وكانت هناك مخاوف من استخدمام إيران برنامجها لإنتاج أسلحة نووية.
الباحثة في معهد (بروكنغز)، سوزان مالوني، كتبت قائلة: «بما أن المجموعة الكاملة من العقوبات الأمريكية، بما في ذلك فرض عقوبات على استيراد النفط الخام الإيراني، ستعود إلى مكانها، حال انسحاب ترامب، فإن الوضع الاقتصادي الإيراني الهش سوف يتدهور بالتأكيد».
وينص الاتفاق على أن بعض القيود التقنية المفروضة على الأنشطة النووية تسقط تدريجيًا اعتبارا من 2025، إلا أن ترامب يهدد برفض التوقيع على تمديد الالتزام بالاتفاق النووي في موعده المقرر في 12 مايو الجاري، حيث يجب على ترامب توقيع وثيقة بتجميد العقوبات كل 120 يومًا.
ويقول تقرير صندوق النقد الدولي، الصادر في مارس الماضي، إن الاقتصاد الإيراني شهد عودة قوية للنمو، في أعقاب رفع الحظر الغربي، متوقعاً أن ينمو الاقتصاد الإيراني بمعدل 4.3% في نهاية العام المالي 2017/ 2018، وبالتالي، فمن المتوقع أن تكون لنهاية الاتفاق النووي، حتى وإن كانت من الجانب الأميركي فقط، عواقب سيئة على النمو الاقتصادي في إيران.
سيناريو سيء
يرى كبير مستشاري مؤسسة «كونترول ريسكس» الأميركية، اليسون وود، في تعليقات نقلتها «سي إن بي سي» الأميركية، أن «انسحاب أميركا من الاتفاق النووي سيكون السيناريو السيئ للاقتصاد الإيراني».
وحسب وود، فإن إيران ربما لا تنسحب من الاتفاق النووي في حال انسحاب أمريكا، ومثل هذا الاحتمال سيترك الباب مفتوحاً أمام الدول الأوروبية والموقّعين الآخرين لمراجعة القرار الأميركي، على الرغم من تعنت الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
ومنذ الحديث عن انسحاب أمريكا من الاتفاق، شهد الاقتصاد الإيراني مجموعة من العقبات، من بينها التراجع الكبير الذي شهده الريال من 42 ألفا مقابل الدولار إلى أكثر من 60 ألف ريال مقابل العملة الأمريكية، بانخفاض يصل إلى 25%، قبل أن يعود للاستقرار، وكان صندوق النقد الدولي قد دعا إيران، إلى تسريع عملية الإصلاح الاقتصادي في حال انسحاب ترامب من الاتفاق.
وحسب رويترز، قال مسؤول في صندوق النقد الدولي إن قرار إيران، الشهر الماضي، بتوحيد سعر صرف العملة في السوقين الرسمية والحرة لدعم الريال «خطوة في الاتجاه الصحيح»، وكانت السلطات الإيرانية قد وحّدت، الشهر الماضي، سعر الصرف الرسمي للريال وسعره في السوق الحرة لصالح سعر موحد عند 42 ألف ريال مقابل الدولار.