أيام قليلة تفصلنا عن تنفيذ وعد الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب بالإنسحاب من الاتفاق النووي الإيراني، الذي وقعّت عليه دول «5+1» مع طهران في فيينا، عام 2015، بعد مفاوضات استمرت 22 شهرًا.
وكان الاتفاق الذي أبرم بين إيران وبريطانيا والصين وفرنسا وألمانيا وروسيا وأمريكا، من أبرز إنجازات الرئيس أوباما، لكن ترامب وصف الاتفاق بأنه «واحد من أسوأ الاتفاقات التي شهدها على الإطلاق».
وأدى الاتفاق الذي وقع بين إيران والقوى الكبرى إلى رفع العقوبات الاقتصادية التي شلت الاقتصاد الإيراني مقابل الحد من برنامج إيران النووي، وكانت هناك مخاوف من استخدمام إيران برنامجها لإنتاج أسلحة نووية.
يُشار إلى أنه من المقرر أن يتخذ الرئيس الأميركي دونالد ترامب، قرارا بحلول 12 مايو الجاري، بشأن ما إذا كان سيسحب الولايات المتحدة الأمريكية من الاتفاق النووي الإيراني الذي أُبرم مع طهران أم لا.
«التومان» الإيراني
أمس، لفتت صحيفة «كيهان» الإيرانية، إلى أزمة سوق العملات الأجنبية التي تجتاح إيران مؤخرا، في ظل ارتفاع حدة التوتر مع الولايات المتحدة، بعد أن ارتفعت العملة الخضراء إلى نحو 7200 تومان في السوق الحرة.
واعترفت الصحيفة، بانهيار العملة المحلية، على الرغم من النفي الرسمي على لسان إسحاق جهانجيري المساعد الأول للرئيس الإيراني حسن روحاني، قائلًا أن وسائل الإعلام تنشر أسعار غير واقعية عن سوق العملات الأجنبية، في إيران.
وفي ظل تفاقم أزمة العملات الأجنبية في إيران، وارتفاع أسعار المسكوكة الذهبية المتداولة داخل إيران، قرر البنك المركزي الإيراني، إيقاف بيعها للمواطنين، خشية تناقص المدخرات الذهبية في ظل تصاعد مخاوف الإيرانيين مؤخرا.
وأشارت «كيهان» إلى أن الصرافات تحجم عن التعامل بالأسعار التي حددتها حكومة «روحاني» إثر قرارها الأخير بتوحيد سعر الصرف الأجنبي عند حدود 4200 تومان، في الوقت الذي تشكو أغلبها من نقص المعروض على إثر تكالب المواطنين على الشراء لتحويل مدخراتهم إلى دولار خشية انهيار الاقتصاد الإيراني خلال الفترة المقبلة.
الاقتصاد الإيراني
الباحثة في معهد (بروكنغز)، سوزان مالوني، كتبت قائلة: «بما أن المجموعة الكاملة من العقوبات الأمريكية، بما في ذلك فرض عقوبات على استيراد النفط الخام الإيراني، ستعود إلى مكانها، حال انسحاب ترامب، فإن الوضع الاقتصادي الإيراني الهش سوف يتدهور بالتأكيد».
وينص الاتفاق على أن بعض القيود التقنية المفروضة على الأنشطة النووية تسقط تدريجيًا اعتبارا من 2025، إلا أن ترامب يهدد برفض التوقيع على تمديد الالتزام بالاتفاق النووي في موعده المقرر في 12 مايو الجاري، حيث يجب على ترامب توقيع وثيقة بتجميد العقوبات كل 120 يومًا.
ويقول تقرير صندوق النقد الدولي، الصادر في مارس الماضي، إن الاقتصاد الإيراني شهد عودة قوية للنمو، في أعقاب رفع الحظر الغربي، متوقعاً أن ينمو الاقتصاد الإيراني بمعدل 4.3% في نهاية العام المالي 2017/ 2018، وبالتالي، فمن المتوقع أن تكون لنهاية الاتفاق النووي، حتى وإن كانت من الجانب الأميركي فقط، عواقب سيئة على النمو الاقتصادي في إيران.
ومنذ الحديث عن انسحاب أميركا من الاتفاق، شهد الاقتصاد الإيراني مجموعة من العقبات، من بينها التراجع الكبير الذي شهده الريال من 42 ألفا مقابل الدولار إلى أكثر من 60 ألف ريال مقابل العملة الأميركية، بانخفاض يصل إلى 25%، قبل أن يعود للاستقرار، وكان صندوق النقد الدولي قد دعا إيران، إلى تسريع عملية الإصلاح الاقتصادي في حال انسحاب ترامب من الاتفاق النووي، في 12 مايو/أيار الجاري.
وحسب رويترز، قال مسؤول في صندوق النقد الدولي إن قرار إيران، الشهر الماضي، بتوحيد سعر صرف العملة في السوقين الرسمية والحرة لدعم الريال «خطوة في الاتجاه الصحيح»، وكانت السلطات الإيرانية قد وحّدت، الشهر الماضي، سعر الصرف الرسمي للريال وسعره في السوق الحرة لصالح سعر موحد عند 42 ألف ريال مقابل الدولار.
ويرى كبير مستشاري مؤسسة «كونترول ريسكس» الأميركية، اليسون وود، في تعليقات نقلتها «سي إن بي سي» الأميركية، أن «انسحاب أميركا من الاتفاق النووي سيكون السيناريو السيئ للاقتصاد الإيراني».
وحسب وود، فإن إيران ربما لا تنسحب من الاتفاق النووي في حال انسحاب أميركا، ومثل هذا الاحتمال سيترك الباب مفتوحاً أمام الدول الأوروبية والموقّعين الآخرين لمراجعة القرار الأميركي، على الرغم من تعنت الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
الهدف من الانسحاب
حول هدف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من خروجه من الاتفاق النووي مع إيران قال المحلل السياسي الإيراني محمد غروي لإذاعة «سبوتنيك»: كل الخطوات الأمريكية تأتي من ضمن الضغوط الدولية والأمريكية لتغيير ما في الاتفاق النووي، ولا شك أن كل هذه الضغوط الأمريكية لها ثلاثة أهداف:
أولا: أن يتم إلحاق هذا الاتفاق بملحقية وهي تخص الصواريخ البالستية، وكان ترامب دائما يقول إن هذا الاتفاق النووي فاشل وخاسر، لأنه لا يتضمن موضوع الصواريخ الباليستية الإيرانية، وكلنا يعرف أن إيران رفضت أن يكون موضوع الصواريخ الإيرانية ضمن الاتفاق النووي، أي أنهم يريدون إلزام إيران بهذا بإدخال الصواريخ في الاتفاق النووي.
ثانيا: الولايات المتحدة تتحدث عن أن التفتيش للمنشآت الإيرانية غير مجدي وغير مقنع، لذلك تريد الولايات المتحدة أن تطور نظام تفتيش جديد، ويكون من بين المفتيشين بعض الخبراء الامريكيين لكي يدخلوا إلى هذه المنشآت ويكسبوا مزيدا من المعلومات عن البرنامج النووي الإيراني.
ثالثا: يريد ترامب أن يقول إن الإيرانيين وضعوا حدا زمنيا لهذا الاتفاق، وهذا يعني أن مدة الاتفاق تنتهي عام 2025، وبعدها يستطيع الإيراني أن يعود إلى نشاطه النووي، والأمريكي يقول إن هذا التاريخ هو قصير، ويجب أن يكون هذا الاتفاق إلى لا نهاية، بمعنى ألا يستطيع الإيراني إعادة تخصيب اليورانيوم إلى نسبة 20%.