على الرغم من تعدد الجهات الخاسرة من انسحاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب، من الاتفاق النووي مع إيران، الذي احتجاج 22 شهرًا من المفاوضات حتى وصل لصورته النهائية، إلا أن المستفيدين من القرار قليلين.
وتتجه أنظار العالم يوم 12 مايو الجاري، إلى الرئيس الأميركي دونالد ترامب، حيث من المنتظر أن يعلن ترامب عما إذا كان سيجدد تعليق العقوبات الأمريكية على إيران، وإمكانية إنسحاب أمريكا من الاتفاق النووي الإيراني.
وقال مسؤول في البيت الأبيض -بحسب روسيا اليوم- إن ترامب «يتجه على الأرجح إلى الانسحاب من الاتفاق، لكنه لم يتخذ القرار بعد، ويبدو أنه جاهز لعمل ذلك، ولكن إلى أن يتم اتخاذ قرار من جانبه فالأمر ليس نهائيا».
وكان الاتفاق الذي أبرم بين إيران وبريطانيا والصين وفرنسا وألمانيا وروسيا وأمريكا، من أبرز إنجازات الرئيس السابق باراك أوباما، لكن ترامب وصف الاتفاق بأنه «واحد من أسوأ الاتفاقات التي شهدها على الإطلاق».
الاتفاق النووي الإيراني
يوم الثلاثاء 15يوليو 2015، أبرمت مجموعة «5+1» وإيران في فيينا، بعد 22 شهرا من المفاوضات المكثفة، اتفاقًا تاريخيًا حول البرنامج النووي الإيراني ويستمر حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة على إيران لمدة خمس سنوات، فيما لن ترفع العقوبات المتعلقة بتسليح إيران بالصواريخ إلا بعد مرور ثماني سنوات.
إلا أنه ينص على إلغاء جميع إجراءات الحظر الاقتصادية والمالية المفروضة على إيران دفعة واحدة، ومن بينها، إلغاء العقوبات الاقتصادية المفروضة على 800 شركة ومؤسسة تجارية واقتصادية وفي مقدمتها المصرف المركزي الإيراني والمصارف الإيرانية الأخرى، وشركة النفط الوطنية وشركة السفن والملاحة البحرية.
وقال مسؤول بالبيت الأبيض إن ترامب «يتجه على الأرجح إلى الانسحاب من الاتفاق، لكنه لم يتخذ القرار بعد، ويبدو أنه جاهز لعمل ذلك، ولكن إلى أن يتم اتخاذ قرار من جانب الرئيس فالأمر ليس نهائيا»، وصرح مسؤول ثان، بأن كبار المساعدين لا يسعون بقوة للحديث عن الانسحاب لأنه يبدو أنه عاقد العزم على ذلك.
وكما عرضنا في تقرير سابق من هم أبرز الخاسرين حال انسحب ترامب من الاتفاق النووي الإيراني، نعرض في هذا التقرير من المستفيد؟
أبرز الخاسرين حال انسحاب «ترامب» من الاتفاق النووي الإيراني
من المستفيد؟
في دراسة حديثة صادرة عن معهد بيغن – السادات للدراسات الاستراتيجيّة في تل أبيب، نشرها موقع «نون بوست» حاولت إلقاء الضوء على المخاطر التي من الممكن أن تسفر عن خطوة ترامب الأخيرة، محذرة الإدارة الأمريكية من عدم الوقوع في هذا الفخ الذي سيقوض نفوذ واشنطن في المنطقة بصورة من الصعب استعادتها في الآونة الأخيرة.
تجديد العقوبات أو إلغاء الاتفاق سيدفع طهران إلى الارتماء في أحضان التنين الصيني، خاصة حال خضوع أوروبا لإملاءات ترامب، وهنا ربما تعيد إيران تشكيل خارطة تدفق الغاز الطبيعي لديها والذي يبلغ 24.6 مليار متر مكعب، رابع أكبر احتياطي في العالم ومرجح أن يصل إلى المركز الثاني مستقبلاً.
هذه الخطوة ووفق الدراسة ستُشكّل عاملاً رئيسيًا في السعي إلى تشكيل البنية المستقبلية للطاقة الأوراسية، مما قد يدفع طهران إلى تفضيل بكين بدلاً من أوروبا في تخصيص الفائض المتوقع خلال السنوات الخمسة القادمة، مما ينعكس إيجابًا على قوة الصين الاقتصادية ومن ثم السياسية.
جزئية أخرى حذرت منها الدراسة العبرية تتعلق بتشكيل تحالف يضم الصين والهند وروسيا يهدف إلى إحكام السيطرة على الشرق الأوسط وسحب البساط من تحت أقدام الولايات المتحدة، وهو ما ينعكس على إمكانية تسليح دول المنطقة بأسلحة متقدمة في ظل ما تشهده دول هذا التحالف المتوقع من إمكانيات هائلة، بعضها قد يصل إلى مرحلة التسليح النووي خاصة إن انضمت كوريا الشمالية إلى هذا التحالف مستغلة التوتر الشديد مع واشنطن.
وتسعى الصين إلى توسيع نفوذها في منطقة الشرق الأوسط في الآونة الأخيرة في محاولة لإحياء دورها العالمي مرة أخرى، وربما تجد في التحالف مع إيران بما لديها من إمكانيات وموارد فرصة سانحة لتحقيق هذا الحلم مستغلة تراجع الدور الأمريكي بشكل واضح.
الدراسة كشفت النقاب عن أن الصين -وفق المعطيات السابقة- ستكون المستفيد الأكثر من وراء تأرجح الولايات المتحدة حيال ملف الاتفاق النووي الإيراني، وإن كانت تتجنب الصدام مع واشنطن إلا أن ذلك لا ينكر حقيقة تأهبها للقيام بهذا الدور الإقليمي الجديد.حراج الحليف الأوروبي.
استمرار واشنطن في فرض المزيد من العقوبات على طهران والتلويح بإلغاء الاتفاق النووي يضع أوروبا في موقف حرج سياسيًا واقتصاديًا في آن واحد، إذ إنها باتت بين مطرقة وضع شركاتها وبنوكها لخطر انتهاك القانون الأمريكي حال التصميم على إلغاء الاتفاق من جانب، وسندان تزايد التوترات في الشرق الأوسط بصورة كبيرة، وما يترتب عليه من تراجع واضح للدور الأوروبي، إذ إنه في هذه الحالة سيفقد الكثير من استقلاليته ويتحول قراره إلى تابع للبيت الأبيض، وهو ما تخشاه الدول الأوروبية وتتجنبه بشكل أو بآخر مهما كانت حدة الضغوط الممارسة عليها.
هذه الخطوة ووفق الدراسة ستُشكّل عاملاً رئيسيًا في السعي إلى تشكيل البنية المستقبلية للطاقة الأوراسية، مما قد يدفع طهران إلى تفضيل بكين بدلاً من أوروبا في تخصيص الفائض المتوقع خلال السنوات الخمسة القادمة
علاوة على ذلك فإن هذا القرار (إلغاء الاتفاق) سيجهض بشكل كبير مساعي أوروبا نحو تنويع مصادرها للحصول على الغاز الطبيعي، والتقليل من اعتمادها على الغاز الروسي الذي يغطي 80% من احتياجاتها، لتتحرر من التهديد الروسي بقطع موارد الدول الأوروبية من الغاز الطبيعي في حال وقوع صراع شامل مع روسيا، وهو ما حدث بالفعل مع الأزمة الأوكرانية.
الهدف من الانسحاب
حول هدف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من خروجه من الاتفاق النووي مع إيران قال المحلل السياسي الإيراني محمد غروي لإذاعة «سبوتنيك»: كل الخطوات الأمريكية تأتي من ضمن الضغوط الدولية والأمريكية لتغيير ما في الاتفاق النووي، ولا شك أن كل هذه الضغوط الأمريكية لها ثلاثة أهداف:
أولا: أن يتم إلحاق هذا الاتفاق بملحقية وهي تخص الصواريخ البالستية، وكان ترامب دائما يقول إن هذا الاتفاق النووي فاشل وخاسر، لأنه لا يتضمن موضوع الصواريخ الباليستية الإيرانية، وكلنا يعرف أن إيران رفضت أن يكون موضوع الصواريخ الإيرانية ضمن الاتفاق النووي، أي أنهم يريدون إلزام إيران بهذا بإدخال الصواريخ في الاتفاق النووي.
ثانيا: الولايات المتحدة تتحدث عن أن التفتيش للمنشآت الإيرانية غير مجدي وغير مقنع، لذلك تريد الولايات المتحدة أن تطور نظام تفتيش جديد، ويكون من بين المفتيشين بعض الخبراء الامريكيين لكي يدخلوا إلى هذه المنشآت ويكسبوا مزيدا من المعلومات عن البرنامج النووي الإيراني.
ثالثا: يريد الأمريكي أن يقول إن الإيرانيين وضعوا حدا زمنيا لهذا الاتفاق، وهذا يعني أن مدة الاتفاق تنتهي عام 2025، وبعدها يستطيع الإيراني أن يعود إلى نشاطه النووي، والأمريكي يقول إن هذا التاريخ هو قصير، ويجب أن يكون هذا الاتفاق إلى لا نهاية، بمعنى ألا يستطيع الإيراني إعادة تخصيب اليورانيوم إلى نسبة 20%.