أمير پایور-BBC
في ظل الجدل حول الاتفاقية النووية الإيرانية، قد يسأل بعضنا كيف استفادت إيران من الاتفاقية ورفع العقوبات الاقصادية عنها، وفي هذا نشر موقع BBC البريطاني مقالًا للمحلل الاقتصادي “أمير پایور”، وقال فيه:
رفعت الاتفاقية النووية بين إيران وست قوى عالمية -الولايات المتحدة وروسيا والصين والمملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا- العقوبات الدولية على الاقتصاد الإيراني، بما في ذلك ما على النفط، والتجارة، والقطاعات المصرفية. وفي المقابل وافقت إيران على وضع حدود لأنشطتها النووية.
وهدد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مرارًا وتكرارًا بالانسحاب من الاتفاقية، وسيتخذ قراره النهائي في الثاني عشر من مايو إذا كان سيعيد فرض العقوبات أم لا. لذلك، مع اقتراب الموعد النهائي، فإنني سأناقش ما وصل إليه الاقتصاد الإيراني منذ أن دخلت الاتفاقية النووية حيز التنفيذ.
إلى أي مدى دعمت صادرات النفط من الاقتصاد الإيراني؟
كان الاقتصاد الإيراني في حالة ركود حاد في السنوات التي سبقت الاتفاقية النووية. لكن صندوق النقد الدولي أفاد بأن إجمالي الناتج المحلي الحقيقي لإيران نما بنسبة 12.5٪ في السنة الأولى بعد تنفيذ الاتفاقية. وقد انخفض النمو منذ ذلك الحين، ويقدر صندوق النقد الدولي أن الاقتصاد سينمو بنسبة 4% هذا العام، وهو معدل جيد لكنه أقل من نسبة 8%، وهي النسبة التي استهدفتها إيران خلال السنوات الخمس من وقت عقد الاتفاقية. وهذه الزيادة الأولية تقريبًا بفضل زيادة الصادرات النفطية. وفي عام 2013، قلصت العقوبات المفروضة على قطاع الطاقة الإيراني صادرات النفط في البلاد إلى نحو 1.1 مليون برميل يوميًا. أما الآن تصدر إيران ما يقرب من 2.5 مليون برميل يوميًا.
ماذا عن الصادرات الإيرانية الشهيرة الأخرى، مثل الفستق؟
وصلت صادرات إيران غير النفطية في العام المنتهي في مارس 2018 إلى 47 مليار دولار(ما يعادل 34.5 مليار جنيه استرليني) وهو ما يزيد بنحو خمسة مليارات دولار عن السنة التي سبقت الاتفاقية النووية. ووفقًا لوزارة الزراعة الإيرانية، بلغ تصدير أشياء مثل الفستق 1.1 مليار دولار في نفس الفترة، وهو أقل بقليل من العام السابق. لكن صادرات إيران الزراعية، بما في ذلك الفستق والزعفران، تتأثر أكثر بالجفاف في البلاد، وليس العقوبات أو العلاقات التجارية.
وفي أعقاب الاتفاق النووي، رفعت الولايات المتحدة الحظر المفروض على السلع الكمالية الإيرانية مثل السجاد والكافيار. حيث خفضت العقوبات صادرات السجاد الإيراني إلى الولايات المتحدة -أكبر سوق لها- بنسبة 30٪. وبفضل رفع العقوبات، ازدادت تجارة إيران مع الاتحاد الأوروبي بشكل ملحوظ، لكن تبقى الصين وكوريا الجنوبية وتركيا هم االشركاء التجاريين الأكبر لإيران.
هل حققت الاتفاقية النووية الاستقرار لعملة إيران المنهارة؟
في عام 2012، خسر الريال ما يقارب ثلثي قيمته مقابل الدولار بسبب العقوبات وسوء الإدارة لسوق العملات المحلي. فقد فرضت العقوبات قيودًا على عائدات النفط الإيرانية، ووصولها إلى النظام المصرفي العالمي. ووعد الرئيس الإيراني حسن روحاني شعبه بأن بعد الاتفاقية النووية “لن ترى سعر الصرف يرتفع كل ساعة”.
وتمكن روحاني من الوفاء بهذا الوعد بإبقاء العملة الإيرانية مستقرة لما يقرب من أربع سنوات. ولكن في أواخر عام 2017، عندما رفض الرئيس ترامب التصديق على الاتفاق النووي للكونجرس، بدأ الريال ينهار مرة أخرى.
وخسر الريال نصف قيمته تقريبًا مقابل الدولار منذ سبتمبر الماضي. فسارع العديد من الإيرانيين لشراء العملة الأجنبية الصعبةاحتياطًا ضد الانهيار المستقبلي المحتمل للاتفاقية النووية، وعودة العقوبات، وانهيار العملة. وأفادت التقارير أن حوالي 30 مليار دولار من رأس المال غادر إيران في الربع الأول من عام 2018، ومعظمها إلى البلدان المجاورة والقوقاز.
ومنذ ذلك الحين فرضت الحكومة الإيرانية إجراءات صارمة على سوق صرف العملات الأجنبية، وحظرت مكاتب الصرافة من بيع العملة الصعبة، ووضعت حدًا لحيازة العملات النقدية -12 ألف دولار-، في محاولة لإنقاذ الريال.
هل الإيرانيون العاديون أغنى بفضل الاتفاقية النووية؟
يوضح تحليل أجرته إذاعة BBC الفارسية لبيانات البنك المركزي الإيراني أن ميزانيات الأسر (قيمة جميع السلع والخدمات التي تستخدمها الأسرة) قد انخفضت من حيث القيمة الحقيقية من 14800 دولار في عامي 2007 و 2008 إلى ما يقارب 12.515 دولار في عامي 2016-2017. وانخفضت الميزانيات المنزلية بشكل مطرد لمدة سبع سنوات حتى 2014-2015 عندما تم التوصل إلى الاتفاقية النووية، فازدادت بشكل طفيف في العام التالي.
كما يظهر التحليل أن الطبقة الوسطى في إيران كانت الأكثر تضررًا خلال العقد الماضي. ففي حين انخفض متوسط ميزانية الأسرة بنسبة 15٪ ، فقد انخفضت بنسبة 20٪ لأسر الطبقة المتوسطة. ويلقي الخبراء باللوم على سوء إدارة الاقتصاد المحلي والعقوبات الدولية لتسببهم في انخفاض ميزانيات هذه الأسر.
وجاء معظم ازدهار ما بعد الاتفاقية النووية بسبب زيادة عائدات النفط التي تذهب مباشرة إلى الخزينة الحكومية، لكن الأمر يستغرق وقتًا طويلًا للوصول إلى جيوب الناس.