في الآونة الأخيرة ارتفع عدد قتلى المستشارين الإيرانيين في سوريا، نتيجة للقصف الإسرائيلي المستمر على عدة أماكن في سوريا، أخرها في نهاية أبريل الماضي، حيث سقط 26 مقاتلا مواليا لنظام دمشق معظمهم إيرانيون.
ونادرًا ما تؤكد “إسرائيل” عملياتها العسكرية بسوريا، لكنها سبق أن نفذت ضربات استهدفت مواقع للنظام السوري أو شحنات أسلحة، قالت إن مصدرها إيران وكانت موجهة إلى “حزب الله” الذي يقاتل جانب قوات النظام.
وكان وزير الحرب الإسرائيلي، أفيجدور ليبرمان، توعد في وقت سابق من الشهر الماضي بأن “كل موقع نرى فيه محاولة لتموضع إيران أو حزب الله عسكريا في سوريا سندمره، ولن نسمح بذلك مهما كان الثمن”.
الأكراد
قبل الحديث عن كيفية استغلال إيران للأكراد في الرد على الهجمات الإسرائيلية المتتالية، يجب التعريف بمن هم الأكراد في سوريا.
أكراد سوريا هم أكبر أقلية عرقية في سوريا حيث يشكلون أقل من 10% من سكان البلاد، ومعظمهم من المسلمين السنة، وبعضهم من اليزيديين إضافة إلى عدد قليل من المسيحيين والعلويين الأكراد.
هاجر الأكراد لسوريا من تركيا في 1925 عقب ثورة سعيد بيران التي قمعتها حكومة أتاتورك، وفي السنوات التي تلت ذلك نتيجة القمع التركي والاشتباكات بين الجماعات الكردية والجيش التركي.
بعد نشوء أول حزب لهم عام 1958، غير الأكراد في سوريا تكتيكاتهم وبدأوا يطالبون بالجنسية السورية والموطنة وحقوقهم رسميا، ويعيش معظمهم في محافظة الحسكة شمال شرق سوريا، والقامشلي.
في أعقاب الثورة التونسية والثورة المصرية، أعلن 4 فبراير 2011 “يوما الغضب” في سوريا من قبل نشطاء من خلال “فيس بوك”، وشارك الأكراد في تلك الاحتجاجات منذ بدايتها ولكن بشكل ضئيل جدا.
وبعد الثورة السورية أصدر بشار الأسد بتاريخ 7 أبريل 2011 مرسوم رئاسي بمنح الجنسية السورية للمسجلين كأجانب في سجلات الحسكة، وتمت تسوية أوضاع عشرات الآلاف من الأكراد السوريين.
الدعم الإسرائيلي
عقِب دخول إيران للحرب السورية وجدت أن التودد للأكراد أفضل الطرق لمحاربة المعارضة السورية، وكذلك إسرائيل، خاصة وأن إسرائيل داعم قوي لمحاولات انفصال الأكراد في كل من سوريا والعراق وتركيا وإيران.
تأييد انفصال الأكراد من قِبل “إسرائيل” ظهر بشكل كبير في العراق، ففي 25 أكتوبر من العام الماضي، حث رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أكراد العراق على “نيل الحرية”، وذلك من خلال الاستقلال عن العراق.
وأشار “نتنياهو” إلى أن “الأكراد يظهرون نضجا وطنيا ودوليا”، وتابع: “لدينا تعاطف كبير تجاه رغباتهم وينبغي على العالم أن يبدي اهتماما بأمنهم ومستقبلهم، وإسرائيل هي الطرف الوحيد الذي أيد علنا استقلال إقليم كردستان”.
النائب عن ائتلاف دولة القانون جاسم محمد جعفر، لم يستغرب تصريحات نتنياهو، واعتبرها “تتويجاً للعلاقات الوثيقة بين الأكراد وإسرائيل التي تعود إلى أربعينيات القرن الماضي، أسسها الملا مصطفى البارزاني”.
وأضاف “جعفر” -في تصريحات نقلها موقع الجزيرة نت- أن “بناء دولة كردية محاذية لـ تركيا وسوريا ستكون شبيهة بإسرائيل، وبالتالي فإن الأخيرة ستدعم نجاح هذا الأمر من أجل الضغط أمنيا وعسكريا على تلك الدول”.
وتعرضت قواعد عسكرية ليل الأحد الماضي في حماة (وسط) وحلب (شمال) لضربات بـ”صواريخ معادية” وفق ما أعلنت وكالة الأنباء السورية “سانا” دون أن تحدد هوية الجهة التي أطلقتها.
ورجح “المرصد السوري لحقوق الإنسان” أن تكون “إسرائيل” هي المسؤولة عن إطلاقها، لافتاً إلى أن القواعد المستهدفة تتمركز فيها قوات إيرانية وفيها مستودعات أسلحة صاروخية.
التودد الإيراني
صباح اليوم، أكد موقع “الخليج الجديد” أن مستشار المرشد الإيراني للشؤون الدولية علي أكبر ولايتي، اجتمع في طهران، مع وفد من عشائر كردية في سوريا، متوقعاً أن “يطرد الأكراد الأمريكيين من سوريا”.
واعتبر “ولايتي” أن زيارة الوفد طهران “رد ساحق على ادعاءات واشنطن بوقوف أكراد شرق سوريا إلى جانبها”، ووصف مباحثاته مع الوفد الكردي بالبناءة، وقال: “لا يوجد أي شك في أن سر انتصار الشعب السوري الشريف يكمن في الوحدة الوطنية السائدة بين مختلف القوميات والمذاهب في هذا البلد”.
تزامن ذلك مع جولة لرئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الإيراني علاء الدين بروجردي، في حي جوبر الدمشقي المدمر جراء قصف قوات النظام وحلفائها، الذي أكد أن “اعتداء إسرائيل على مستشارينا في سوريا يكفل لنا حق الرد”، مضيفاً: “سنرد في المكان والزمان المناسبين”.
وأوضح أن “وجود إيران العسكري في سوريا تم بناء على طلب من الحكومة السورية”، وقال في ختام زيارة دمشق إن النائب الأول للرئيس الإيراني إسحاق جيهانغيري، سيزور دمشق قريباً، للتوقيع على وثيقة “تعاون استراتيجي طويل الأمد”، وتعد هذه الخطوة بمثابة مساعٍ من إيران لشرعنة وجودها بسوريا.