“الأفكار مشلولة.. العقول مخدرة.. الأوفياء يعيشون الوحدة.. الشباب يائس ومنحرف.. كسروا الأقلام.. كمموا الأفواه.. هذه سمات هذا العصر”.
من أشهر كلمات الدكتور علي شريعتي، والتي كانت تنتقد فترة حكم الشاه محمد رضا بهلوي، حيث يعتبره البعض المفجر الحقيقي للثورة، لكنها صالحة لكل الأزمنة، فما أشبه اللية بالبارحة!
نشأته
ولد علي شريعتي في محافظة خراسان عام 1933، تخرج في كلية الآداب، ثم سافر في بعثة إلى جامعة السربون بفرنسا، وحصل على شهادتي دكتوراه في التاريخ الإسلامي وعلم الاجتماع.
تزوج عام 1958 من السيدة بوران شريعت رضوي، ولديه أربعة أبناء هم ( احسان، سوسن، سارا، مونا ).
هو الأستاذ الجامعي وكاتب والفيلسوف والمفكر وعالم الإجتماع والتاريخ والباحث في علوم الدين.
كان بالطبع معتنق للمذهب الشيعي ولكنه كان له فكره الخاص، حيث كان ضد الشعوبية والعنصرية، لذا قد ألف الكتاب العظيم ” التشيع العلوي والتشيع الصفوي “، وقد تناول في هذا الكتاب مسألة الإختلاف الذي يصل إلى مرتبة النقيض بين التشيع العلوي وما يروج له علماء الدين والذي اسماه التشيع الصفوي نسبة إلى الدولة الصفوية التي أعلنت المذهب الشيعي الأثنى عشري مذهب رسمي لإيران عام 1501. وأيضًأ كتب مثل دين ضد دين، والتشيع مسئولية، جميعها جاءت لتقارب بين مذهبي الإسلام السني والشيعي داعيًا لترك التشيع الصفوي والتسنن الأموي والإلتزام بالتشيع العلوي والتسنن المحمدي.
الثائر الحر
كان شريعتي ثائرًا منذ أن كان طالبًا، وقد تم أعتقاله أثناء دراساته الجامعية، ثم أُعتقل كثيرًا فيما بعد داخل إيران وخارجها لمشاركاته الدائمة في المظاهرات. فمن الجدير بالذكر أنه قد أُعتقل بعد عودته من فرنسا بتهمة القيام بالمظهرات في الخارج.
ولكتابه بناء الذات الثورية أثر كبير في نفوس شباب تلك الحقبة اللذين بثورتهم أسقطوا عرش، لولا تحويل الحكم لديني لكانت إيران اليوم في مكانة أخرى.
وأيضًا كتب كمسئولية المرأة، ومسئولية المثقف، والنباهة والإستحمارتحمل توجيهًا وإرشاد للشباب فإذا أدرك كل منا مسئوليته ودوره تجاه وطنه وأسرته لن يكن للعنف والرجعية والتخلف مكان بيننا.
لم يبالِ شريعي يومًا بالسجن، ولم يخف في الحق لومة لائم، رغم تدينه وتمسكه الشديد بمذهبه لم يسب أو يحلل ويحرم فقط دعى للتقارب كي نصبح أمة واحدة من الواجب أن تحارب عدوها الحقيقي ولا تنشغل في محاربة بعضها البعض.
حسينية الإرشاد
من أهم انجازات شريعتي، فقد كانت حسينية الإرشاد تمثل صرحًا فكريًا وثقافيًا عظيم، أسسه ليلقى محاضراته بين طلابه ومريديه من جميع بقاع إيران، وكان يحضر عشرات الآلاف من الشباب، وتوزع ملايين النسخ من مؤلفاته، ولأن لا يوجد شيء أخطر على نظام أو حكم أكثر من التفاف الشباب حول رجل يفكر، تم إغلاق الحسينية عام 1973، ثم أُعتقل شريعتي ومجموعة من أبرز طلابه، لينتهي أمر الحسينية.
في عام 1977، تم السماح له بالسفر، وبعد ثلاثة أسابيع أي بتاريخ 19 يونيو 1977 عُثر على جثمانه في شقته بلندن، وذيع خبر مقتله، فنفى تقرير المشفى مقتله، وأفاد بأن الوفاة طبيعية، لكن الكثيرون يؤكدون أنه قُتل بأمر من مخابرات الشاه.
ومن المؤسف أن الشاه رفض أن يدفن في أرض إيران، لذا دُفن في دمشق في ضريح السيدة زينب، ثم أقام الصلاه على جثمانه الإمام موسى الصدر، وحفل تأبيين ببيروت، فعوقب بسحب الجنسية الإيرانية منه لقيامه بهذا الأمر الذي أعتبره الشاه مخالفة لفرمانه.
رحل شريعتي لكنه ترك إرثًا هائلًا من الكتب والمحاضرات، والاف الرسائل العلمية داخل إيران وخارجها، وفكر لن يموت.