لا يزال الاقتصاد الإيراني يعاني من أزمات عديدة، رغم رفع الحصار الذي كان مفروضا قبل الاتفاق النووي، حيث هناك عدة أسباب اقتصادية وسياسية تجبر الاقتصاد الإيراني على الهبوط وعدم الاستقرار وهذا ما ظهر جليا عبر العملة المحلية التي يبتعد عنها الكثير من رجال الأعمال الإيرانيين بل والمواطنين أيضا.
وكشفت تقرير لصحيفة “إيران فوكاس” البريطانية، حول اسباب انهيار عملة ايران امام الدولار بعدما وصل سعر الريال الإيراني إلى أدنى سعر له أمام الدولار على الإطلاق حيث بلغ سعر الدولاري 61 ألف ريال إيراني، او ما يعادل 6100 تومان إيراني.
وقررت الحكومة الإيرانية تثبيت سعر الدولار عند 4200 تومان أو 42 ألف ريال،لمواجهة الازمة وهددت بالقبض على أي شخص يبيعه بسعر مختلف، والذي لم يكن تهديدا فارغا، حيث ألقت الحكومة القبض على بعض الصيارفة الذين خالفوا القرار، وبلغ الأمر أن بعض الملالي طالبوا القضاء بإعدامهم.
زيادة الطلب على الدولار
وارجع التقرير سبب انهيار عملة ايران الى ازدياد الطلب على الدولار من قبل المواطنين، وذلك لأنهم يرون أن الاقتصاد الإيراني-في أحسن الأحوال- مهتز، لذا يرى الكثيرون العملة الأجنبية واحدة من الاستثمارات القليلة الآمنة.
وأضاف التقرير ان ما يحصث الآن مشابه لما حدث عام 2012، عندما كانت إيران خاضعة لعقوبات دولية خانقة، والتي تم تخفيفها كثيرا بعد إبرام إيران للاتفاق النووي عام 2015.
وأوضح التقرير أن السبب في تكرار ماحدث الآن، هو أن فوائد الاتفاق النووي ببساطة لم تصل إلى المواطن الإيراني، فيما سارع النظام الإيراني بإلقاء اللوم على الغرب، لعدم إزالة العقوبات غير النووية.
الفساد
ويؤكد التقرير إن السبب الحقيقي وراء الأزمة الاقتصادية التي تعصف بإيران حاليا هو الفساد المسؤولين الإيرانيين، وتزايد الإنفاق العسكري، حيث تذهب الكثير من الأموال التي يتم استثمارها في إيران إلى شركات ترتبط بالحرس الثوري، وهي قوات الأمن الفاسدة، والتي لا يحق لأحد محاسبتها إلا المرشد الأعلى فقط، وهذه الشركات لا تمنع الإيرانيين من الوصول إلى أموال الغرب فقط، بلى إنها تسرق الشعب مستخدمة مخططات هرمية.
أزمة طاقة
لا شك أن قطاع الطاقة الإيراني، سواء على مستوى النفط أو الغاز، هو صاحب نصيب الأسد من الفوائد من الاتفاق النووي، فبحسب ما قال رئيس شركة النفط الوطنية الإيرانية علي كاردور، في سبتمبر (أيلول) الماضي: إن إنتاج إيران النفطي سيرتفع إلى 4.5 ملايين برميل يوميًا، في غضون 5 سنوات، موضحًا أن رفع الإنتاج سيأتي نتيجة زيادة 420 ألف برميل يوميًا في إنتاج حقل غربي كارون النفطي، بالإضافة إلى 280 ألف برميل إضافي من حقول نفط في وسط وجنوب إيران ومن شركة فلات قارة النفطية، وعلى مستوى إنتاج الغاز توقع أن يبلغ 1.3 مليار متر مكعب يوميًا خلال الـ 5 سنوات المقبلة، بينما سيزداد إنتاج مكثفات الغاز إلى 864 ألف برميل يوميًا.
هذه الأرقام الذي تحدث عنها كاردور تعد ضعف ما كانت عليه قبل الاتفاق النووي، ومع فرض عقوبات جديدة على إيران من الصعب أن تصل طهران بإنتاجها إلى هذه النسب، فعلى سبيل المثال وصلت واردات كوريا الجنوبية من النفط الخام الإيراني إلى أعلى مستوى لها منذ 6 أشهر في سبتمبر 2016؛ إذ إن خامس أكبر مستورد للنفط الخام في العالم استوردت 1.83 مليون طن من النفط الخام من إيران في سبتمبر بزيادة بنسبة 22.8% عن العام السابق.
يشار إلى أن أغلب صادرات النفط الإيراني تذهب إلى آسيا (الصين – الهند – كوريا الجنوبية)، وبالتالي فإن الحظر النفطي الأمريكي وحده لا يكفي، ولابد أن يتبعه حظر على التأمين على السفن الناقلة للنفط الإيراني، وهو الخطر الذي قد يهدد القطاع بشكل كبير.
وخلال قمة «رويترز» العالمية للسلع الأولية التي عقدت في 13 أكتوبر 2017، قالت شركات تجارة كبرى: إن زيادة العقوبات الأمريكية الوشيكة على طهران؛ ستعزز مخاوف المشترين المحتملين للنفط الإيراني، على الرغم من أن الإمدادات المتجهة إلى أوروبا من المرجح بشدة بقاؤها كما هي من دون تعطل، إذ يرى أليكس بيرد رئيس وحدة النفط بشركة جلينكور «إذا لم تصدق الولايات المتحدة على الاتفاق النووي، وزاد التوتر، فإن التعامل مع إيران سيكون في غاية الصعوبة».
الاستثمارات الأجنبية
كانت الاستثمارات الأجنبية أحد أكبر المشاكل الاقتصادية التي عانت منها إيران قبل الاتفاق النووي، وهي كذلك من أهم مميزات الاتفاق، وبالرغم من أنها لم تعد بالصورة المنتظرة، لكنها أعادت كثيرًا من الحياة للاقتصاد الإيراني.
وسبق وقال المدير العام للشؤون الاستثمارية في وزارة الصناعة والمناجم والتجارة الإيرانية، أفروز بهرامي، ، إن إيران استقطبت ما يعادل 7 مليارات دولار من الاستثمارات الأجنبية في المجالات الاقتصادية المختلفة خلال مرحلة ما بعد الاتفاق النووي.
وبحسب بهرامي، فإن الاستثمارات دخلت البلاد في إطار 103 مشاريع؛ دشنت منها حتى الآن 41 مشروعًا، ويتم حاليًا إنجاز 62 مشروعًا آخر، بينما أعلن مساعد وزير الاقتصاد والمالية الإيراني، محمد خزاعي، أن ما يقارب 30 مليار دولار سيتم الاتفاق بشأنها مع بنوك أجنبية لتمويل مشروعات داخل إيران.
وتمكنت إيران من إبرام عدة اتفاقات خلال العام الماضي، ويمكن أن تعد هذه الاتفاقات تاريخية. في يناير (كانون الثاني) 2016، وقعت إيران اتفاق مع إيرباص على شراء 100 طائرة بقيمة تزيد عن 18 مليار دولار، وفي ذات الشهر، وقع كلٌّ من بيجو الفرنسية وخودرو الإيرانية اتفاقية إنتاج مشترك بقيمة 400 مليون يورو، وفي مارس (أذار) 2016، اتفقت سيمنز الألمانية مع مابنا الإيرانية على توفير التكنولوجيا لتوربينات الغاز.