cnbc
وجهت إيران تهديدًا لإسرائيل عقب هجوم وقع الأسبوع الماضى على قاعدة طائرات ايرانية فى سوريا. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية بهرام قاسمى للصحفيين يوم الإثنين: “ستتم معاقبة تل أبيب بسبب تصرفها العدوانى، وسيتلقى النظام الصهيوني المحتل، عاجلاً أم آجلاً، ردًا مناسبًا على تصرفه هذا”.
ولم تقم الحكومة الإسرائيلية بتأكيد أو نفي الغارة التي أودت بحياة سبعة مستشارين عسكريين إيرانيين، والمنتمين لفيلق القدس، في مدينة حمص السورية. لكن في الوقت نفسه اعترف مسؤولٌ إسرائيلي رفيع المستوى لصحيفة “نيويورك تايمز” عن هذا الحدث: “إنها المرة الأولى التي نهاجم فيها أهدافاً إيرانية حية –سواء أكانت منشآت أو أشخاص”.
وفي خضم حرب فوضويّة ضارية شاركت فيها أطراف عدة، كلها تناضل من أجل مصالحها المدروسة، يبرز صراع آخر: بين إيران وإسرائيل.
منذ 2013، نفذت إسرائيل أكثر من 100 غارة جوية في سوريا، استهدفت في الأساس ميليشيات حزب الله المموّلة من إيران والقوات العسكرية الأخرى. لكن هذا لم يظهر بشكل كثيف في عناوين الأخبار، حيث أن إسرائيل تفضل العمل في الخفاء.
ولكن الشهور الأولى من 2018 شهدت تدخل إسرائيل الواسع واستهدافها المباشر لإيران –عدوها القديم.
حرب ضارية
وقال هنري روما، الباحث في الشأن الإيراني في شركةEurasia Group: “الشيء الوحيد الأكثر تعقيدًا من الحرب الأهلية السورية هو الحرب الأهلية السورية بعدما تداخلت معها الحرب بين إسرائيل وإيران. فهذا من شأنه أن سيسحب الولايات المتحدة إلى الصراع بشكل أكبر دعمًا لإسرائيل، في الوقت الذي يمكن فيه تفويض روسيا كوسيط بين القوتين بسبب علاقاتها الجيدة نسبياً مع كليهما.
وتتعارض أهداف إسرائيل وإيران الاستراتيجية في سوريا مع بعضها البعض بشكل مباشر. فإيران تسعى إلى وجود دائم في سوريا ولبنان -وهو جزء مما سماه الخبراء الإقليميون بتأثير “الهلال الشيعي” المتزايد في الشرق الأوسط- كهدف استراتيجي طويل الأجل. وترى إسرائيل تهديدًا متزايدًا في هذا التأثير القريب من حدودها، والتي تخشى أن يعطي الفرصة لحزب الله لمهاجمتها.
وقال سفير الولايات المتحدة السابق في سوريا ريتشارد ميرفي لمحطة سي.ان.بي.سي: ” هناك الكثير من الإسرائيليين يشعرون بأنهم مضطرون للتخطيط للخروج من الحرب مع ايران، وقد تحدث الزعماء السياسيون بشكل مشؤوم عن ذلك في السنوات الأخيرة”، وأشار إلى أن التهديد الذي يمثله حزب الله لا يستهان به؛ نظرًا للصواريخ التي تسيطر عليها في لبنان وفي سوريا.
لذلك، فإن وجود قواعد عسكرية إيرانية جوية أو بحرية أو برية دائمة في سوريا هو أمر لا يمكن التغاضي عنه بالنسبة لإسرائيل،ولهذا قامت بضربتها على قاعدة الطائرات الإيرانية.
حرب الطائرات بدون طيار
وجاءت الضربة بعد شهرين من إسقاط طائرة F-16 حربية إسرائيلية بواسطة مضادات الطائرات السورية خلال هجوم سابق على قاعدة طائرات، الأمر الذي حدث بعدما دخلت طائرة إيرانية بدون طيار المجال الجوي الإسرائيلي في أوائل فبراير.
هذا المثال يؤكد مدى سهولة توسيع الحرب، وسحب الخصمين إلى صراع شامل في سوريا. وصرح أحد الخبراء أن التدخل الإسرائيلي في سوريا يمكن أن يؤدي بسهولة إلى تصعيد النزاع أو المزيد من نشر العنف في المنطقة.
ومن غير المرجح أن تنحسر الأعمال العسكرية الإسرائيلية، لأن هدفها الأساسي هو منع استخدام سوريا كقاعدة تهدد مصالح الكيان الإسرائيلي. وأفاد الخبير أن من أجل هذه الغاية، ستواصل إسرائيل استهداف البنية التحتية العسكرية الإيرانية في سوريا ومحاولة منع انتشار أسلحة حزب الله المتطورة.
ويذكر أنه بعد بيان وزارة الخارجية الإيرانية، أصدر حزب الله بيانه الخاصة به، فأعلن نائب الأمين العام للحزب “نعيم قاسم”، أن إيران سترد في الوقت والمكان الذي تختاره.
النقطة الرئيسية التالية بين الدولتين هي معركة نظام الأسد في مدينة درعا بجنوب غرب البلاد، على بعد حوالي 50 ميلاً من الحدود الإسرائيلية.
وقال هنري روما: “يخشى الجيش الإسرائيلي أن يستخدم نظام الأسد حزب الله والقوات الإيرانية لخوض المعركة، ومن ثم يرسخون وجودهم بالقرب من المدينة”. ووصف هذا الأمر بأنه “لا يحتمل” بالنسبة لإسرائيل، التي ستتصرف عسكريًا لوقف إنشاء مواقع إيرانية مستديمة.
لكن بينما يزداد التصعيد، فمن غير المرجح أن تحدث حرب شاملة بين الاثنين، هذا ما يعتقده خبير آخر:”لا أعتقد أن هذا الأمر ممكن في الوقت الحالي. فالهدف الإيراني هو التأكد من بقاء الأسد”. وحتى الآن نجا الرئيس السوري، بمساعدة طهران وموسكو، ويقوم بتعزيز سلطته في معظم أنحاء البلاد.
وقال السفير الأمريكي السابق: “إنها لعبة لها مخاطرها”. وأكمل أنه قد يبدو الأمر محتدمًا، لكن من الممكن السيطرة عليه، سواء من قبل طهران أو إسرائيل. ومن المعتقد أنهم لن يسعوا إلى شن حرب مفتوحة، وسوريا نفسها ليست في حالة نزاع مع إسرائيل.
لكن مع كل هجوم إسرائيلي، يتواجد خطر الانتقام منها، وهذا من شأنه أن يزيد من التصعيد بشكل يصعب احتواءه مستقبلًا.