هآرتس
القاعدة الجوية السورية بالقرب من حمص التي تحملت غارة جوية ليلة الاثنين، هي المكان الذي تحاول إيران أن تنشئ فيه مجمع كبير للقوات الجوية تحت سيطرتها الكلية.
ألقت كل من سوريا وإيران وروسيا باللوم على إسرائيل في الغارة الجوية التي قتلت أربعة مستشارين على الأقل من قوة القدس التابعة للحرس الثوري الإيراني. وقالت تقارير إعلامية عربية أن أحدهم كان عقيدًا له منصب رفيع في عملية الطائرات بدون طيار التابعة للحرس الثوري في سوريا. وأفادت محطة “المنار” اللبنانية، التابعة لحزب الله، عن مقتل سبعة إيرانيين، وقد يكون العدد الحقيقي أكبر.
فبالإضافة إلى الحرس الثوري، تستضيف القاعدة الكبيرة، المعروفة باسم T4، فرق القوات الجوية السورية والروسية. الإيرانيون ، الذين يعملون بشكل مستقل، بعيدون نسبياً عن الروس، فيسيطرون على جانبي القاعدة الغربي والشمالي. وكما يبدو فهذا هو السبب في أن تصريحات روسيا حددت أن الغارة أصابت الجانب الغربي من القاعدة.
في العاشر من فبراير، وبعد سقوط طائرة إيرانية بدون طيار داخل الأراضي الإسرائيلية، قصف سلاح الجو الإسرائيلي مركز قيادة الطائرات بدون طيار، الموجود في T4. ووفقًا لتقارير وسائل الإعلام الأجنبية، فإن تلك الغارة قتلت أيضًا بعض الإيرانيين، على الرغم من أن إيران نفسها لم تعلن عن القتلى.
وكلا الهجومين، المقرونين بسلسلة من التقارير الإعلامية الدولية نقلًا عن “مسؤولي استخبارات غربيين”، يكشفا أن إيران تحاول إنشاء برنامج طائرات بدون طيار واسع النطاق في سوريا، كجزء من الجهود لتوسيع وجودها العسكري هناك.
ولكن إلى جانب احتجاجات روسيا على إسرائيل بسبب حقيقة أنها تنظر إلى الغارتين على أنهما تهدد لموظفيها أيضًا، يبدو أن هناك بعض التوتر بين روسيا وإيران. وتقول مصادر استخباراتية أمريكية إن إيران نقلت موظفيها من تي 4 إلى قاعدة جوية سورية قرب تدمر، بعيداً عن المنطقة التي تدير فيها روسيا عملياتها.
ومن المحتمل أن روسيا هددت بوقف شحنات الأسلحة من إيران إلى دمشق، لو أن إيران لم تفعل ذلك. ومع ذلك، فقد عادت إيران مؤخراً إلى T4، وواصلت نشر قوات الحرس الثوري في أماكن أخرى وسط سوريا، بما في ذلك بالقرب من مطار دمشق الدولي. وتعتقد إسرائيل أن كل هذا قد تم إنجازه بمعرفة الرئيس السوري بشار الأسد، وأنه لم يحاول إثناء الإيرانيين عن مثل هذه الأنشطة، رغم أنهم وضعوا قواته في خطر.
و ليس لدى إسرائيل حتى الآن دليل ملموس على استخدام قوات الأسد أسلحة كيماوية في مذبحة دوما الخاضعة لسيطرة المتمردين، بالقرب من دمشق، في نهاية الأسبوع الماضي. لكنها تعطي مصداقية عالية للمزاعم بأن هناك هجوم كيميائي، وأن قوات الأسد كانت مسؤولة عنه. وورد أن هناك هجومين على دوما- أحدهما باستخدام الكلور، والآخر باستخدام غاز الأعصاب، وربما السارين.
ويُظهر تحليل للقطات الموتى والجرحى بوضوح أن البعض أصيبوا بغاز الأعصاب. ولا تصدق إسرائيل الزعم السوري والروسي والإيراني بأن المتمردين قد قاموا بتزوير الأدلة على الهجوم، في حين أن فرصة أن يستخدم المتمردون أنفسهم أسلحة كيميائية دون قصد ضد المدنيين في منطقة خاضعة لسيطرتهم ضئيلة للغاية. فالحفاظ على مثل هذه الأسلحة واستخدامها أمر صعب نسبياً، والمتمردون في تلك المنطقة – الضواحي الشمالية والشرقية لدمشق – غير معروفين بامتلاكهم لمثل هذه القدرات. في المقابل، قال بيان لوزارة الخارجية الإسرائيلية -استُنكر فيه استخدام الأسلحة الكيماوية، أن نظام الأسد استأنف مؤخرا صنع هذه الأسلحة.
وقد انتهى الجيش السوري تقريباً من احتلال جيوب المتمردين في هذه المنطقة. وقام السوريون، المدعومون بقصف جوي روسي مكثف، بهجمات واسعة النطاق على الأحياء التي يسيطر عليها المتمردون للضغط عليهم لتوقيع اتفاقيات استسلام.
لكن للمرة الأولى منذ سنوات، لا يعتمد السوريون بشكل ملحوظ على الميليشيات الشيعية المنتسبة لإيران. وقد تم تكليف بعض هذه الميليشيات بمهام أخرى، بما في ذلك الحفاظ على المناطق التي تم الاستيلاء عليها بالفعل، مثل مدينة حلب الشمالية.
في المقابل، يتم إرسال قوات النخبة التابعة لحزب الله، بما في ذلك كتيبة “رضوان” القتالية التابعة للنخبة، إلى المعركة عندما يواجه المسعى السوري المتاعب. كما أنهم مكلفون أيضًا بحماية الممتلكات الحيوية التابعة للنظام في دمشق، والمنطقة العلوية في شمال غرب سوريا. حزب الله له وجود محدود في جنوب سوريا أيضًا، وتشك إسرائيل في أن هذا جزء من خطط إيران المستقبلية لخلق احتكاك عسكري مع إسرائيل على طول الحدود في مرتفعات الجولان.
ومن المتوقع بعد أن ينتهي القتال في شمال وشرق دمشق، أن تنقلب قوات الأسد ناحية آخر مناطق المقاومة الكبرى، بالقرب من العاصمة: مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين في جنوب دمشق. والذي لا تزال الدولة الإسلامية تحافظ على وجودها النشط فيه.
في وقت لاحق، من المتوقع أن تشن قوات النظام هجومًا كبيرًا في جنوب سوريا – في درعا، بالقرب من الحدود الأردنية، وربما أيضًا في الجزء السوري من الجولان، بالقرب من الحدود الإسرائيلية.
وتفترض إسرائيل أن النظام سيبذل قصارى جهده لاستعادة السيطرة الفعالة على معظم الجولان السوري، وأن هجومه المدعوم من روسيا وإيران سيستمر.