ذا أتلانتيك
يمكننا القول أن محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي الإصلاحي، صنع كل الأعداء المناسبين له، الذين لن يتأخروا عن الاحتفال بموته، كقادة داعش والقاعدة وحزب الله وحماس، بالإضافة إلى المتمردين الحوثيين في اليمن، والقيادة الدينية والعسكرية لجمهورية إيران الإسلامية.
الأمير المحمي يبدو بشكل كبير غير قلق من أي تهديدات بالموت تلاحقه، بل كان يبدو عليه المرح حين حاورته في مجمع أخيه الأمير خالد بن سلمان الموجود خارج واشنطن، وبدا حريصًا على قول وجهات نظره المضادة حول عدد من الموضوعات (مثل حقوق المرأة، وتشككه بشأن القوانين التي تجبر النساء السعوديات على السفر مع أقاربهن الذكور). وكذلك تحدث عن المرشد الأعلى لإيران، آية الله خامئني، الذي يراه أسوأ من هتلر. وقد أخبرني أيضًا أنه يعترف بحق الشعب اليهودي في أن تكون له دولة قومية خاصة به إلى جانب دولة فلسطينية، وهذا ما لم يعترف به أي قائد عربي مسبقًا.
في حواري مع الأمير حاولت التركيز على بعض المشاكل الأكثر تحديًا في الوقت الراهن مثل الحرب البادرة مع إيران، وتدخل المملكة العنيف في أحيان كثيرة ضد الحوثيين في اليمن المدعومين من إيران.
وقسّم الأمير الشرق الأوسط إلى معسكرين متحاربين: ما أسماه “مثلث الشر” ، الذي يتكون من إيران والإخوان المسلمين والجماعات السنية الإرهابية. والتحالف من الدول المعتدلة -كما وصفت نفسها- وتشمل الأردن ومصر والإمارات العربية المتحدة والبحرين وعمان. قال الأمير عن المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي: “أعتقد أن الزعيم الإيراني الأعلى يجعل مظهر هتلر جيدًا. فهتلر لم يفعل ما يحاول المرشد الأعلى القيام به؛ هتلر حاول غزو أوروبا …. أما المرشد الأعلى فيحاول غزو العالم “.
وها هي نسخة محررة ومكثفة من حديثي مع الأمير السعودي:
جولدبيرج: من الجيد سماع بعض الأشياء التي تعِد بالقيام بها في المملكة السعودية. إن بلدك بلد كبير ومعقد، ومن الصعب جدًا تغيير ثقافته. فهل يمكننا أن نبدأ بالحديث عن الإسلام، والدور الذي تعتقد أنه يجب أن يلعبه في العالم؟
محمد بن سلمان: الإسلام دين سلام. الله، في الإسلام، يعطينا مسؤوليات: أولها الإيمان، فعل الأشياء الجيدة، وليس السيئة، وإلا سيحكمنا الله يوم القيامة. ثانيها، نشر كلمة الله. منذ 1400 سنة، كان المسلمون يحاولون فعل هذا. لكن في الشرق الأوسط، في شمال أفريقيا، في أوروبا، لم يكن مسموحًا لهم، ولهذا قاتلوا لنشرها. لكنك ترى أيضًا أنه في العديد من الدول في آسيا – إندونيسيا، ماليزيا، الهند – كان للمسلمين حرية نشر كلمته. الإسلام لم يكن يومًا دين جبر، بل كان دومًا سلمي.
الآن، في هذه الفترة، مثلث الشر . .
جولدبيرج: مثلث الشر؟
بن سلمان: نعم. . سأشرح لك. هذا المثلث، يحاول الترويج لفكرة أن واجبنا كمسلمين هو إعادة تأسيس الخلافة، إعادة نشر فكر الخلافة –أن مجد الإسلام في بناء إمبراطورية بالقوة. لكن الله ونبيه لم يطلبا منا القيام بذلك. الله فقط طلب منا نشر كلمته، وقد حدث. اليوم، كل إنسان له الحق في اختيار معتقده. اليوم، لم يعد لدينا أي واجب للقتال لنشر الإسلام. لكن مثلث الشرهذا، يريد التلاعب بالمسلمين، وإخبارهم أن واجبهم كمسلمين – وكرامتهم كذلك- تستلزم تأسيس إمبراطورية مسلمة.
جولدبرغ: والمثلث؟
بن سلمان: أول أضلاع هذا المثلث هو النظام الإيراني، فهم يريدون نشر إيديولوجيتهم المتطرفة، إيديولوجية شيعية متطرفة. فهم يعتقدون أنهم إذا نشروها، سيعود الإمام المنتظر مرة أخرى ويحكم العالم من إيران، وينشر الإسلام حتى في أمريكا. لقد قالوا ذلك كل يوم منذ الثورة الإيرانية الإسلامية سنة 1979. إنه في قوانينهم، وهم يثبتون ذلك من خلال أفعالهم.
ثاني أضلاع المثلث، هو جماعة الأخوان المسلمين، وهي جماعة متطرفة أخرى، تريد استخدام النظام الديمقراطي لحكم الدول، وبناء خلافة خلفية في كل مكان. ثم لاحقًا تتحول إلى إمبراطورية إسلامية حقيقية. والضلع الأخير هو الإرهابيون – القاعدة وداعش- الذين يريدون أن يفعلوا كل شيء بالقوة. قادة القاعدة وقادة داعش كانوا جميعا من جماعة الإخوان المسلمين أولاً. أسامة بن لادن، أيمن الظواهري، زعيم داعش. هذا الأمر واضح جدًا.
هذا الثلاثي يروج لفكرة أن الله والإسلام لا يطالبوننا بنشر كلمته. أفكارهم تعارض تمامًا مبادئ الأمم المتحدة، وتعارض فكرة أن الدول المختلفة لديها قوانين تمثل احتياجاتها. السعودية ومصر والأردن والبحرين وعمان والكويت والإمارات العربية المتحدة واليمن؛ جميع هذه الدول تدافع عن فكرة أن الدول المستقلة ينبغي أن تركز على مصالحها الخاصة، وعلى بناء علاقات جيدة تتبع مبادئ الأمم المتحدة. مثلث الشر هذا لا يريد القيام بذلك.
جولدبيرج: لكن أليس صحيحًا ، أنه بعد عام 1979 ، وقبله أيضًا، كانت الفصائل الأكثر محافظة في السعودية تأخذ أموال النفط وتستخدمها لتصدير نسخة متطرفة وأكثر تعصباً للإسلام، الإيديولوجية الوهابية بمعنى آخر، والتي يمكن أن تُفهم كنوع من الأيديولوجية المرافقة لفكر الإخوان المسلمين؟
بن سلمان: أولًا، هل بإمكان تعريف هذه الوهابية لنا؟ فنحن لسنا على دراية بها . . نحن لا نعرف عنها.
جولدبيرج: ما الذي تعنيه بـ “نحن لا نعرفها”؟ أنت ولي عهد السعودية، أنت بالطبع تعرف ما الذي تعنيه الوهابية.
بن سلمان: لا أحد يمكنه تحديد ماهية الوهابية. فلا وجود للوهابية. في المملكة العربية السعودية، لدينا سنة وشيعة. لدينا في الإسلام السني أربع مدارس فكرية، ولدينا العلماء [السلطات الدينية]، ومجلس الفتوى [الذي يصدر أحكامًا دينية]. نعم، في نحن نستمد قوانيننا من الإسلام والقرآن، لكن لدينا أربع مدارس فقهية مختلفة- الحنبلي، الحنفي، الشافعي، والمالكي –. ومشروعنا قائم من أجل الناس، والمصالح الاقتصادية، وليس على المصالح الإيديولوجية التوسعية. بالطبع لدينا أشياء مشتركة معهم، فجميعنا مسلمون، وجميعنا يتحدثون العربية، وكلنا لدينا نفس الثقافة ونفس الاهتمامات. نحن مزيج من المدارس والطوائف الإسلامية، فأنت ستجد شيعي في مجلس الوزراء، وفي الحكومة، غير أن أهم جامعة في السعودية يرأسها شيعي.
جولدبيرج: لكن ماذا عن تمويل المتطرفين؟
بن سلمان: عندما تتحدث عما قبل عام 1979، فأنت تتحدث عن الحرب الباردة. انتشرت وقتها الشيوعية في كل مكان، مهددة الولايات المتحدة وأوروبا وكذلك نحن. ومصر كانت قد تحولت إلى هذا النوع من النظام. فوضعنا يدنا في يد أي شخص يمكن أن نستخدمه للتخلص من الشيوعية. وكان من بين هؤلاء الإخوان المسلمين. قمنا في المملكة العربية السعودية بتموليهم. وكذلك مولتهم الولايات المتحدة الأمريكية.
جولدبيرج: هل كان هذا الأمر خطأ؟
بن سلمان: إذا عدنا في الوقت المناسب، سنفعل الشيء نفسه. سوف نستخدمهم مرة أخرى. لأننا كنا نواجه خطرًا أكبر – الشيوعية- .
بعد ذلك حاولنا التحكم في حركاتهم وإدارتها. ولكن جاء عام 1979 ، الذي فجر كل شيء. لقد صنعت الثورة الإيرانية نظامًا قائمًا على إيديولوجية الشر الخالص. نظام لا يعمل من أجل الشعب، ولكنه ليخدم أيديولوجية ما. وفي العالم السني، كان المتطرفون يحاولون فعل الشيء نفسه. فحدث الهجوم في مكة [على المسجد الحرام]. ووسط حالة الثورة في إيران ، حاولوا عمل ثورة شبيهة في مكة. كنا نحاول الحفاظ على كل الأشياء في كفة واحدة، لمنعها من الانهيار. واجهنا الإرهاب في السعودية وفي مصر. لقد طالبنا باعتقال أسامة بن لادن في وقت مبكر جدًا. لقد عانينا الكثير أثناء محاربة الإرهاب، حتى حدث الحادي عشر من سبتمبر؛ هذه هي القصة.
جولدبيرج: أنت تتحدث عن إيران بصراحة بالغة وأيدولوجيتها، حتى أنك ساويت ما بين المرشد الأعلى وهتلر، ما الذي يجعله هتلر؟ هتلر هو أسوأ شيء حدث على الإطلاق.
بن سلمان: أنا أرى أن المرشد الأعلى يجعل هتلر يبدو في مظهرٍ جيد. هتلر لم يفعل ما يحاول المرشد فعله. هتلر حاول غزو أوروبا، وهذا أمر سيء للغاية. لكن المرشد الأعلى يريد غزو العالم. هو يعتقد أنه يمتلك العالم كله.
المرشد الأعلى هو هتلر الشرق الأوسط، في عشرينات وثلاثينات القرن المنصرم، لم يرَ أحد هتلر كخطر، فقط القليل من الناس فعلوا، حتى حدثت الكارثة، ولا أحد منا يريد للأمر أن يتكرر في الشرق الأوسط. نحن نريد وقف ذلك من خلال التحركات السياسية والاقتصادية والاستخبارية؛ نحن نريد تجنب الحرب.
جولدبيرج: هل المشكلة برأيك دينية؟
بن سلمان: كما قلت لك، إن الشيعة يعيشون في المملكة السعودية بشكل عادي. نحن لا مشكلة لدينا مع الشيعة. لكن لدينا مشكلة مع إيديولوجية النظام الإيراني. مشكلتنا هي أننا لا نعتقد أن لديهم الحق في التدخل في شؤوننا.
جولدبيرج: لدي فضول بشأن موقف ترامب وأومابا بشأن هذا الأمر. يبدو أنك ترى في ترامب تفهمًا للأمر أكثر من أوباما.
بن سلمان: كلاهما يفهم الأمر، لكن كان لأوباما تكتيكات مختلفة، فقد اعتقد أنه إذا أعطى إيران الفرص للانفتاح، فإنها ستتغير، ولكن بالنسبة لنظام مبني على تلك الأيديولوجيات، فإنه لن ينفتح قريبًا.
60% من الاقتصاد الإيراني يسيطر عليه الحرس الثوري. والمنافع الاقتصادية لاتفاقية إيران النووية لن تعود على الشعب. لقد استلموا 150 مليار دولار بعد الصفقة – هل يمكنك أن تسمي لي مشروعًا سكنيًا واحدًا أقاموه بهذه الأموال؟ حديقة واحدة؟ منطقة صناعية واحدة؟ طريق سريع بنوه؟ أنا أنصحهم -من فضلكم دعونا نرى شيئًا تبنونه حتى ولو كان طريقًا سريعًا بقيمة 150 مليار دولار.
بالنسبة للمملكة السعودية، هناك احتمال بنسبة 0.1٪ أن تغير هذه الصفقة منهم. بالنسبة للرئيس أوباما كانت النسبة 50%. ولكن حتى لو كانت هناك فرصة بنسبة 50٪ في أن تنجح ، فإننا لا نستطيع المخاطرة بها. فنسبة 50% الأخرى هي الحرب. وعلينا أن نتبع سيناريو لا توجد فيه حربٌ.
نحن نقاوم هذه الخطوات الإيرانية، وقد فعلنا هذا في أفريقيا وآسيا، ماليزيا والسودان، العراق، اليمن، ولبنان. نحن نرى أننا لو قاومناهم، فإن المشاكل ستنتقل إلى داخل إيران. نحن لا نعرف إذا ما كان النظام سينهار هناك أم لا، وليس هذا هدفنا، ولكن لو حدث -ممتاز- هذه ليست مشكلتنا. نحن لدنيا حرب دائرة في الشرق الأوسط، ولا نريد المخاطرة، لذا فإن علينا اتخاذ قرارت مؤلمة الآن تجنبًا لاتخاذها لاحقًا.
جولدبيرج: هل تعتقد أن إيران جمعت بينكم وبين إسرائيل؟ فبدون إيران، هل يمكن أن تتخيل وضعاً تكن فيه لكم مصالح مشتركة مع إسرائيل؟
بن سلمان: إسرائيل كيان اقتصادي كبير مقارنة بحجمها، يكبر كل يوم، وبالطبع هناك الكثير من المصالح التي نتقاسمها مع إسرائيل، ولو أن هناك سلام، فإن الكثير من المصالح المشتركة ستتواجد بين إسرائيل ومجلس التعاون الخليجي ودول مثل مصر والأردن.