لم يكن استخدام روسيا أول أمس الاثنين حق النقض (فيتو) في مجلس الأمن الدولي ضد مشروع قرار بريطاني دعمته الولايات المتحدة وفرنسا يقضي بتجديد حظر نقل السلاح إلى اليمن وإدانة إيران، متعقلقا باليمن أو دفاعا عن الحوثيين بأعينهم، لكن حماية للوجود الإيراني في اليمن باعتبارها طرف أساسي في المعارك هناك بدعمها السياسي والعسكري للحوثيين، إلا أن هناك عدة أسباب متمثلة في مصالح لروسيا تدفعها لحماية الوجود الإيراني في الأراضي اليمنية
لم يكن خبر تمهيد روسيا لاستخدام حق الفيتو ضد مشروع قرار أممي يُدين التدخل الإيراني في اليمن مفاجئاً، فالتحالف القوي بين طهران وموسكو في سوريا للإبقاء على نظام الأسد، يجعل من دفاع الكرملين عن الدور الإيراني باليمن أمراً منتظراً، حتى وإن كانت إيران تتبرّأ من أيّ دور عسكري باليمن.
استغلال الميليشيات في الطاولات الدولية
الدكتور محمد سعيد عبد المؤمن، أستاذ الدراسات الإيرانية ، يقول في تصريح لـ«إيران خانة»:«إن إيران هي الحليف الدولي الرئيسي لروسيا في الشرق الأوسط، فهي التي جندت شبكة من المليشيات الشيعية في اليمن ودول الخليج في سوريا، وبذلك تكون تلك الميلييشات قوة في يد الروس وورقة ضغط على الطاولات الدولية».
تعكير المزاج الأمريكي
وأشار عبد المؤمن، إلى أن «الدعم الروسي للوجود الإيراني في الأراضي اليمن هدفه تعكير المزاج الأمريكي، حيث تنتظر الولايات المتحدة بفارغ الصبر تخلص القوات التحالف العربي بقيادة السعودية من الميليشيات الحوثية، من أجل العودة إلى الأدراج مجددا في اليمن عبر القاعدة الأمريكية لمحاربة تنظيم القاعدة».
مقايضة السعودية
وراى عبد المؤمن، أن الروس يستغلون الوجود الإيراني في اليمن، بمقايضة المملكة العربية السعودية وإرغامها على عقد صفقات أسلحة و جلب استثمارات باموال خليجية إلى موسكو، مقابل عدم التدخل عسكريا في اليمن والاكتفاء بالدفاع سياسيا فقط».
الحفاظ على بعثتها بصنعاء
ومن ضمن الأسباب هو إصرار موسكو الحفاظ على التوازن يظهر من خلال حفاظها على بعثتها الديبلوماسية في صنعاء، رغم سيطرة الحوثيين على المدينة، عكس غالبية السفارات الغربية التي غادرت صنعاء منذ ثلاث سنوات، وهو أمر دفع بعدة مراقبين إلى الحديث عن انحياز روسي للحوثيين.
لكن روسيا سحبت بعثتها مؤخراً بعد مقتل علي عبد الله صالح نهاية عام 2017، وهو تطوّر يمكن أن يعود إلى تدهور الحالة الأمنية في العاصمة، خاصة إثر الاشتباكات التي وقعت بين قوات صالح والحوثيين بعد إنهيار التحالف الذي كان يجمعهم.
ساحة أنشطة مصالح
ولا شك أن اليمن أصبحت ساحة لممارسة أنشطة المصالح الدولية خلال السنوات الأخيرة، فهناك عدة قوى دولية أضحت حاضرة بقوة في تدبير الأزمة المحلية. استغلال هذا الملف من لدن بوتين لأجل خدمة مصالحه في سوريا يعطي فكرة عن الاستراتيجية الروسية في المنطقة، فموسكو لا ترغب، وفق ما يؤكده المدحجي، بالتخلّف عن الحضور في اليمن، لكنها في الوقت نفسه، لا ترى في البلد ذاته سوى ملف وسيطٍ لخدمة ملف أكبر، موجود على الأراضي السورية.