أزمة سياسية جديدة طرأت على المشهد الإيراني، بمنع السلطات هناك الرئيس السابق والزعيم الإصلاحى محمد خاتمي، من الخروج من منزله للمشاركة فى مراسم الذكرى 80 لافتتاح المكتبة الوطنية فى إيران.
وبحسب الحساب الرسمى لحزب اتحاد الأمة الإيرانية الإسلامى «امتداد» عبر تطبيق تليجرام، فإن إحدى الجهات الأمنية منعت «خاتمى” من الخروج من منزله، بينما كان يستعد للمشاركة فى ذكرى افتتاح المكتبة الوطنية التى تولى رئاستها فى السابق.
وفى أكتوبر العام الماضى، انتشرت أنباء فى الأوساط الإصلاحية عن فرض عناصر الأمن الإيرانى الإقامة الجبرية على الرئيس الإصلاحى الأسبق محمد خاتمى، ومنعه من مغادرة منزله لحضور اجتماع لعدد من الناشطين الإصلاحيين ووزراء سابقين فى حكومته، الأمر الذى حاولت المحكمة الخاصة برجال الدين نفيه.
ومنذ 2009 حظرت السلطات الإيرانية على «خاتمى» الظهور فى الإعلام أو ذكر اسمه فى وسائل الإعلام المسموعة والمرئية، بسبب تأييده للحركة الخضراء التى قادت احتجاجات عارمة ضد النظام الإيرانى فى 2009، عقب الانتخابات الرئاسية وقتها التى صعد فيها المتشدد أحمدى نجاد، وقالت المعارضة إنه حدث تلاعب فى نتائجها.
وخلال العام الماضى عبر الرئيس الإيرانى حسن روحانى عن احتجاجه ورفضه للقيود الجديدة المفروضة على «خاتمى»، مشيرا للأمر دون ذكر اسمه صراحة، وانتقد تعامل السلطات مع الزعيم الإصلاحى، قائلا: «لماذا ينبغى معاقبة شخص كرر دعوته للجماهير الإيرانية للنزول لصناديق الاقتراع فى الانتخابات الرئاسية؟ ينبغى وضع حد للعقاب».
ساند روحاني
وكان «خاتمى» قد ساند حسن روحانى بقوة فى الانتخابات الرئاسية الماضية التى فاز فيها بولاية ثانية، من خلال دعوة الإصلاحيين لوحدة الصف وتقديم قوائم موحدة فى انتخابات مجالس البلديات أيضا، كما دعا الجماهر الإيرانية للنزول والتصويت لصالح «روحانى” فى مايو الماضى، وقال إن عدم إعادة انتخابه تعنى عودة العقوبات والعزلة الدولية لإيران.
ولطالما يتحدث الإعلام العالمي عن الرئيس خاتمي بأنه إصلاحي، وأنه درس الفلسفات الغربية في جامعة السوربون الفرنسية، ومعجب بكانط وديكارت وفولتير وروسو وغيرهم من فلاسفة التنوير الغربيين. كما واشتهر الرجل عالمياً بمشروعه الحضاري الذي أسماه (حوار الحضارات) في مقابل نظرية أستاذ العلوم السياسية الأمريكي الراحل صموئيل هانتنغتون (صدام الحضارات)، إضافة إلى ذلك، عرف خاتمي بوجهه البشوش الباسم، وحديثه الهادئ ، وشخصيته الكارزماتية، مما كسب إعجاب الغربيين ورضاهم، وكان الوجه الحضاري المقبول للنظام الإيراني في العالم، مقارنة بحكام إيران من الملالي الآخرين.
ميخائيل غورباتشوف
واستبشر الشعب الإيراني والعالم الخارجي خيراً عندما تبوأ هذا الرجل الكارزماتي رئاسة الجمهورية الإسلامية في ولايته الأولى، معلقين الآمال على برنامجه الإصلاحي المعلن الذي طرحه خلال حملته الانتخابية آنذاك، مما اعتقد الجميع أنه سيحول النظام الإسلامي في إيران تدريجياً وسلمياً إلى نظام ديمقراطي حقيقي ودون سفك دماء، إلى حد أن شبهه البعض بميخائيل غورباتشوف، آخر رؤساء الإتحاد السوفيتي، الذي نجح خلال خمس سنوات من رئاسته في تحويل جمهوريات الإتحاد السوفيتي تدريجياً من النظام الشيوعي الشمولي وحكم الحزب الواحد، إلى جمهوريات مستقلة وديمقراطية، عن طريق الانفتاح
ولكن، وبعد ولايتين للسيد خاتمي في الرئاسة ولمدة ثمان سنوات، ورغم تمتعه بشعبية واسعة ودعم الجماهير الواسعة له حيث فاز في الولاية الثانية بنسبة 90% من أصوات الناخبين، وغالبية النواب الإصلاحيين المهيمنين على البرلمان كانت مع مشروعه الإصلاحي، إلا إنه في نهاية المطاف لم يقم بأي عمل إصلاحي يذكر، وبذلك خيَّب آمال ناخبيه.
و رغم أن خاتمي يطرح نفسه كإصلاحي، إلا إن تاريخه غير مشجع، فعندما فشل في تحقيق أي إصلاح خلال ولايته الأولى، أدعى أن أربع سنوات غير كافية لإجراء التغيير، لذا منحه الشعب الإيراني فرصة أخرى وفاز في الولاية الثانية بنسبة 90% من أصوات الناخبين كما بينا أعلاه، ولكن مع ذلك انتهت ولايته الثانية دون أي إصلاح أيضاً.