ترجمة: نداء الحلوجي
لطالما كان دور إيران في الشرق الأوسط والمنطقة موضع شك معظم الوقت، من قِبل منتقدي برنامجها النووي الطموح والمثير للجدل، وكذلك سياستها الخارجية.
على وجه العموم، الإيرانيين سيتغاضون عن القضايا الرئيسية كسبب لفشل الاتفاق النووي، بينما سيستشهد منتقدو طهران بسياستها الخارجية كسبب.
فيما سبق، كان ينظر إلى تعيين جواد ظريف وزيرًا للخارجية كخيار مناسب لإدراة هذه الوزارة. لكن الحقيقة أن هناك دبلوماسيين قلائل مدربين ومثقفين وذوي مؤهلات مناسبة لإدارتها. ومهما أحرز ظريف من تقدم في الساحة الخارجية، فإن جهوده غالبًا ما ستقوض بالتطورات الداخلية.
ما الخطب؟
لإيران رؤيتها الخاصة بها فيما يتعلق بسياستها الخارجية، والعسكرية، وأمنها القومي، وليس بالضرورة أن يعكس تطبيقها لهذه الرؤية واقع القرن الحادي والعشرين.
فإيران تشترك في حرب سوريا بإرسالها مقاتلين وأسلحة. في الوقت ذاته تنتقد الدور العسكري للولايات المتحدة وحلفائها في اليمن وأماكن أخرى، في حين يرغبون في فرض فهمهم للعالم على سكان يبلغ عددهم 80 مليون نسمة. وهذا بالنسبة للمجتمع الدولي، يعد ازدواجًا في المعايير، وسبب لبعض الدول وخاصة الولايات المتحدة لإنهاء الاتفاقية النووية الإيرانية.
هل دور إيران الإقليمي سيئ لهذا الحد؟
الانقسامات الداخلية في إيران تؤثر بسهولة على دورها الإقليمي، بما في ذلك سياستها الخارجية. فالمسيرات في الشوارع والمظاهرات في الحرم الجامعي تعكس عدم رضا المجموعات المختلفة عن القضايا المحلية مثل الاقتصاد والعمل وحقوق الطلاب والنساء والأقليات. فالإيرانيون قد وُعِدوا بتحسين الاقتصاد بشكل كبير، وهذا ما لم يحدث.
وليس بالخفي أن إيران تريد أن تصبح قوى إقليمية عظمى، فهي تتبع النموذج الفرنسي الجمهوري في تعاملها مع الاقتصاد والحياة الاجتماعية والمجموعات الدينية والأقليات والعلاقات الخارجية. ومع ذلك، فإن إدعاء الهيمنة، له قواعده وأساليبه الخاصة التي لا يمكن أن تتحقق بالابتزاز.
ويمكن تفهم رغبة إيران في أن تكون لها هيمنة إقليمية في ضوء الدور الكبير الذي تلعبه المملكة العربية السعودية في المنطقة. وحقيقة أن الملكة بإمكانها إبرام اتفاقيات بمليارات الدولارات لشراء الأسلحة والصواريخ دون مقاومة دولية كبيرة، تدفع إيران إلى تعزيز قدراتها العسكرية. الأمر صار سباقًا للتسلح، واختلال في موازين القوى. فالمملكة السعودية، التي لم يترك مسؤولوها أي فرصة لمهاجمة نظائرهم الإيرانيين واتهام دولتهم بنشر رؤيتهم الخاصة عن الإسلام في العالم الإسلامي، نادرًا ما تم توجيه اللوم لها لنشرها نسختها الخاصة عن الإسلام.
وإذا ما وضعنا هذه المنافسات الإقليمية جانبًا، فإن دور إيران في سوريا مقلق، وعليها الإنسحاب. ودعوة الأسد بـ “ميلوسيفيتش” الشرق الأوسط، بمثابة خدمة لمجرم حرب، فطرق الديكتاتورين والزعماء المتعصبين الذين يضعون ثروة عائلتهم وجشعهم الشخصي فوق مصالح شعبهم مسدودة. والأسد ديكتاتور وحشي، ودعم إيران المستمر له يضعف موقفها في الساحة العالمية.
وفي إيران ديكتاتور مماثل خرج من الحكم في أغسطس 2013، في فترة حكمه التي استمرت لثمان سنوات، اتخذ محمود أحمدي نجاد خطوات وأدلى بتصريحات أغضبت المجتمع الدولي. بجانب أن الفساد المنتشر كان من بين الأخطاء التي ارتبطت بإدارته، المحسوبية، وعسكرة الاقتصاد، وتجريد الصحف ووسائل الإعلام عبر الإنترنت من استقلاليتها. ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل كانت هناك أيضًا قراراته الصبيانية فيما يخص السياسة الخارجية، مما أدى إلى تعقيد علاقات إيران مع جيرانها المسلمين. وليكسب شعبية وفي وسائل الإعلام، قام نجاد بما يشبه المحرقة العرقية فيها، بجانب قطعه لمئات للناخبين الشباب الوعود ولم يتم الوفاء بها.
وقد بدا أحمدي نجاد في تعامله مع السياسة الخارجية كطالب مبتدئ في مجال العلاقات الدولية، يحاول تعلم بعض الأساسيات قبل أن يطبقها على نطاق أوسع. نجاد لم يكن لديه أي فكرة عن الطريقة التي تسير بها السياسة الخارجية والدبلوماسية، فكان كل أسبوعين تقريبًا يخلق فوضى جديدة. فمثلًا، نجاد دعى رئيس فنزويلا للقيام بزيارة إلى ضريح الإمام الثامن الشيعي “ضريح الإمام الرضا” في شمال شرق إيران. وأقال وزير خارجيته بينما كان في مهمة غير مكتملة في السنغال. ووصف للملكة المتحدة بجزيرة تقع غرب أفريقيا.
هذه الاضطرابات جعلت دور إيران الإقليمي أقل قبولًا، بجانب برنامجها النووي الذي طُور بدون رقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية، مما أدى إلى عقوبات جديدة وقيود اقتصادية من قِبل المجتمع الدولي، أثرت في المقام الأول على المواطن الإيراني العادي.
بإمكان إيران أن تكون واحدة من تلك القوى لو أنها ..
على إيران أن يتغير دورها الإقليمي، وتصبح دولة تحترم قواعد وقوانين المعاهدات التي تشترك فيها، بما في ذلك المعاهدات البيئية والتعليمية. عليها أيضًا اتباع الاتفاقيات والقوانين الدولية، على سبيل المثال، عليها التعاون مع اليونيسف في مجال حماية حقوق الأم والطفل، والعمل مع برنامج الأمم المتحدة لأهداف التنمية المستدامة؛ الذي يشمل كيفية الحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وتحسين المعايير الزراعية.