في الوقت الذي تصارع فيه إيران قوى العالم العظمى للحفاظ على الاتفاق النووري، وتطوير برنامجها الصاروخي باعتباره حقها الطبيعي للدفاع عن نفسها، كما تمول الكثير من الجماعات، وتمدهم بالأسلحة والأطعمة، تمتلأ شوارع العاصمة طهران بأطفال بلا مأوى، وعاهرات يبحثن عن مشتري لأجنتهن، و أخريات من أجل جرعة مخدر أو وجبة عشاء يبعن أطفالهن الصغار، بالإضافة إلى أطفال لديهم قليل من حظ جعلهم يعملوا في الورش والمشروعات الصغيرة لساعاتٍ طويلة مقابل القليل من المال، والحكومة في بروجٍ مشيدة.
وفي إطار عدم تنفيذ قانون تجريم بيع الأطفال في إيران أو برامج فعالة لمناهضة هذه الجريمة الغير آدمية، يرفض كثير من مسئولي إيران الإعتراف بانتشار هذه الظاهرة، وقد صرحت فاطمة دانشور العضو بالمجلس الإسلامي لمدينة طهران أن بيع الأطفال يتم مقابل مبلغ مادي من 45 إلى 50 يورو ، ويتم إستغلال الأطفال لاحقًا في تجارة الأعضاء، حيث تم العثور على الكثير من الجثث في الصحاري دون أعضاء بعينها كالعينين و الكليتين، كما يشتري تجار المخدرات و عصابات التسول الضحايا الصغار للعمل معهم منذ الصغر، موضحة أن السبب الرئيسي هو الفقر.
و من الجدير بالذكر أن إجهاض الجنين في إيران أمر محظور، لذا تقوم النساء ببيع أجنتهن قبل الوضع، لعدم مقدرتهن على الإنفاق عليهم، وهناك بعض النساء يشترطن سداد مصروفات عملية الولادة والأدوية فقط، و في حالة صدور حكم بالسجن لا يزيد عن عام، كما يوجد وسطاء لتسهيل عملية البيع، وتنشر بعض المواقع الإلكترونية اعلانات البيع، مما أدى إلى زيادة تجارة الأطفال بشكل ملحوظ خلال الأعوام الأخيرة.
وعن الأطفال العاملين، وفقًا للمادة 79 من قانون العمل الإيراني يُحرم عمل الأطفال أقل من 15 عام، ورغم تجريم القانون لعمل مَن دون السن القانوني، يتجه الأطفال للعمل نتيجة لوقوعهم تحت خط الفقر أو بسبب إدمان الوالدين، وإهمالهم لهم. و قد يعمل هؤلاء الأطفال في أعمال شاقة، وورش تحت الأرض.
ورغم عدم توفر إحصائية دقيقة لنسبة الاطفال العاملين، هناك تقارير تقول أنهم أكثر من 2 مليون طفل. وقد ثبت تعرض الكثير من هؤلاء الأطفال إلى الضرب و التحرش و الإعتداء الجنسي، وكان رد المسئولين حيال ذلك أن 25 % من أطفال الشوارع والعاملين إيرانيون يعانون الفقر، أما النسبة المتبقية من اللاجئين الأفغان وغيرهم.
اما أطفال الشوارع، فمن المؤلم والغير إنساني، حين تسأل بعضًا منهم عن اسم والده أو والدته، فلا يعرف، وبالطبع لا يمتلكون أي شهادة ميلاد أو هوية.
أطفال الشوارع ليسوا فقط اللقطاء، ولكن منهم من ألقى به والداه في الشارع لعدم مقدرتهما على إطعامه، ومنهم من بيع صغيرًا لعصابات التسول، ومنهم من أتخذها حرفة عن اهله، ومنهم من فر من جحيم منزله.
دولة ثرية و شعب يتسول
إن تأملت المشهد عن بعد ستجدهم مجرد أطفال صغار، ملابسهم ممزقة، يركضون خلفك من أجل ورقة مالية، أو بقايا طعامك، وإن نظرت لما وراء المشهد لتتنبأ بالمستقبل، سترى الفتيات منهم ينجبن للحياة نماذج مكررة منهن، والذكور سيعملون في الأعمال المخالفة للقانون.
هكذا هو الشارع وساكنيه، حال إيران كحال الكثير من البلدان النامية، لكنها ليلًا نهارًا تنادي بتطوير الأسلحة لضمان أمن شعبها، أي أمن لشعبٍ جائع، مريض، يتوسد الأرصفة، يُباع؟
دولة تمتلك رابع إحتياطي بترول، و ثاني إحتياطي من الغاز الطبيعي عالميًا، كيف لأطفالها أن يباعوا بأثمان زهيدة، والبقية تنتهك باسم العمل، وتتسول لتحصل على قوت يومها!؟