في الوقت الذي تتجه فيه أصابع الاتهام صوب السلطة القضائية بالجمهورية الإسلامية الإيرانية باعتبارها سلطة غير مستقلة هدفها الأول والأخير محاباة النظام الحاكم وخدمة مصالحه ومساعدته في السيطرة والأحكام على أمور البلاد حتى لو وصل الأمر إلى إطلاق الإعدامات والاعتقالات دون الرجوع لأية سندات ومبررارت قانونية.
خرج قاضٍ إيراني ليُظهر الوجه الآخر الوردي للقضاء في إيران معتمدا في الأساس على إنسانيته قبل أن يصبح قاضيا ومستندا عليها في اطلاق أحكامه قبل النظر في نصوص القوانين والتشريعات، رافعا مبدأ السجن صحيح يضر الجاني لكنه لا يفيد الضحية بشيء فبدلا من السجن ماذا لو أجبرنا المذنب على مساعدة الضحية دون أن يأتي ذلك على انسانيته أو يقلل أو يجرح مشاعر الضحية السنا وقتها سنكون في المدينة الفاضلة.
وهذا ما يحاول تطبيقه حاليا القاضي الإيراني عموزاد خليلي ويبدو أن ما يقدم على فعله يروق للجميع بداية من الاعلام الإيراني ومرورا بالمذنبين وضحايهم ونهاية بكل من يبحث عن خدمة حقوق الانسانية بالجمهورية الاسلامية.
حكاية القاضي الإيراني بدءت قبل العام ونصف بتوليه منصب قاضي بمحكمة الجزاء بقضاء غاليكش بمحافظة غلستان (شمال شرق إيران) قادما من مقاعد الادعاء، ومع توليه منصب القاضي واعطائه سلطة اصدار الأحكام واخرج عقوبة السجن من حساباته لانه يرى أن اجبار المذنب على غرس ولو شجرة افيد له وللمجتمع ولضحيته من حبسه ووضعه بالسجن وقد يساعد على الحد من انتشار الجريمة الامل الذي يسعى خلفه كما صرح في عدة مقابلات اعلامية.
وخلال العام النصف الماضية كان للقاضي الإيراني عدة وقائع يحكيها اصحابها ومن بينهم طبيب يقول “كنت قد ارتكبيت مخالفة بسيطة وضعتني تحت طائلة القانون وبصراحة كنت انتظر عقوبة السجن بشأنها لبضعة اشهر وهو ما كان سيؤثر بشكل كبير علي وعلى عائلتي ولكن مع وضع القضية امام هذا القاضي تفاجئت باصداره حكم كان غريب على مسمعي بعض الشيء ولم اتوقعه من الاساس، فقد طلب بحكم مهنتي مراعاة وتقديم خدمات علاجية لـ 100 يتيم نظير التغاضي عن تلك المخالفة وهو ما رحبت به للغاية وأقدمت على فعله بسعادة لانه انقذني من السجن وانقذ اسرتي من الاثار النفسية السلبية التي كانت ستنتج عن ذلك وساهم ايضا في الاعتناء صحيا بهذا العدد من اليتامى”.
في واقعة اخرى يحكي أخر “لظروف ما اجبرت على القيام بمخالفة قانونية وعند النظر بالقضية طلب من هذا القاضي انه في سبيل الافراج عني بدلا من السجن يلزم أن اشارك في مشروع تشجير الغابات المتضررة من الحرائق وحدد لي عدد محدد من الأشجار على أن اغرسه واتابع رعايته وسقايته بين الحين والأخر وهو ما أحرص عليه الان ولا اتونى على تنفيذه لانه لا ارى في ذلك حكم قضائي قد يؤثر على سمعتي وسط المجتمع الذي اعيش فيه بل نشاط مجتمعي يخدم الجميع”.
القاضي الإيراني يعتمد في أحكامه التي يصدرها على مهن الجاني بشكل كبير ويحاول أن يستغل خبراتهم المهنية وما يبرعون في عمله في مساعدة منهم في احتياج إلى مثل هذة الخبرات والخدمات العملية، ولكن اذا لم يجد فائدة مجتمعية في مهنة المذنب عقوبته المفضلة اجباره على غرس الأشجار وزراعتها وهو ما يشير اليه أحكامه السابقة التي تؤكد أن خلال الـ 18 شهرا فقط أجبر هذا القاضي عددا من الجناة على زرع ما يقترب من عشرة الاف شجرة وهو ما يسهم بشكل في اثراء الموارد الطبيعية في الجمهورية الاسلامية الإيرانية.