للمرة الثالثة خلال 3 أعوام يصدر القضاء الإيراني، أحكام ضد محمد علي طاهري زعمي حركة «الحلقة الروحانية» الصوفية الإيرانية، جيث قضت محكمة في طهران اليوم عليه بالسجن 5 سنوات، وذلك بعدما نجا من عقوبة الإعدام، كما أعلن السبت محاميه محمود علي زاده طبطبائي.
وتلك ليست المرة الاولى التي يحاكم فيه طاهري، حيث قضت محكمة الثورة الإسلامية في إيران، في 2015، بالإعدام على طاهري بتهمة تأسيس حركة لها «عقائد منحرفة».
اعتقاله السابق
واعتقلت السلطات الأمنية الإيرانية محمد علي طاهري، وهو يقبع في الحبس الانفرادي في القفص 209 في سجن إيفين منذ 4 مايو 2011، وحتي الحكم بإعدامه يوم السبت 20 يونيه 2015.
وُجهت اتهامات لطاهري، منها إهانة المقدسات الإسلامية، وتأسيس مؤسسة علاجية غير قانونية ونشر الأفكار الهدامة، وقد تم الحكم عليه بالسجن خمس سنوات في السجن، 74 جلدة وغرامة من 315 ألف دولار أمريكي.
وقالت وكالة فارس للأنباء انه تم القبض على نحو 40 من أنصار « الحلقة الروحانية» في إيران، ويتوقع صدور حكم بالسجن تصل مجموع احاكمها الي 24 عاما في السجن وغرامة قدرها 100 مليون تومان.
وفي 21 نوفمبر 2014 نقل إلى المستشفى بعد إضرابه عن الطعام، وهو يقضي عقوبته في سجن في الحبس الانفرادي .
وتوجه طاهري، برسالة إلى أنصاره اتهم الحرس الثوري الإيراني والمحققين بممارسة «الضغط النفسي والتعذيب» القسري من أجل الحصول على «اعترافات» منه، في سجن إيفين سيئ السمعة.
الحلقة الروحانية
وقد تم تأسيس «الحلقة الروحانية» في 2006، وتتألف من خليط من البحث عن معنى الحياة والعلاج النفسي، وتقدم هذه الطائفة، إضافة إلى تفسير لمجريات العالم، نوعاً من العلاج يسمى بالفارسية «فارادرماني»، أي العلاج الطبي التجميلي غير الجراحي.
وفي البداية، لاقت هذه الطائفة قبل خمس سنوات تجاوباً من قِبل طلاب الجامعات من أبناء الطبقة المتوسطة في المدن، وانتشرت بعد ذلك بشكل سريع في كل أنحاء البلاد، كما يوضح ذلك أحدث مثال من مدينة شاهرود الصغيرة.
وتتلخص عقيدة أتباع هذه الطائفة في أن كل شيء في العالم يمتلك وعياً ويشعّ طاقة، والهدف هو درء الطاقة السلبية، بحسب مؤسس الطائفة محمد علي طاهري، المحكوم عليه حالياً بسبع سنوات في السجن وسبعين جلدة.
وكما لدى الرومي وشيوخ التصوف الإيراني الآخرين، تركز «الحلقة الروحانية» على وحدة الذات، وطبقاً لهذه العقيدة، فإن كل شيء هو في نهاية الأمر تجلٍّ لله.
وعندما بدأت هذه الطائفة نشاطاتها، كانت تحظى برضا السلطات، لأنها بنت معتقداتها على الإسلام وعلى جذور التصوف في إيران.
وفي عدد من الكتب، شرح أتباع هذه الطائفة اعتقاداتهم، وفي الجامعات سُمح لهم بإقامة ندوات.
أعضاء المؤسسة في الخارج
وحتى خارج إيران، سُمح لأتباع الطائفة بالتنظير لها، في أرمينيا وتركيا وكوريا الجنوبية، بينما قام مؤسس الطائفة، محمد علي طاهري، بزيارة عدد من الدول، مفتخراً بحصوله على شهادتي دكتوراه فخريتين من جامعتين في الخارج، وحتى التليفزيون الرسمي كرمه من أجل نشاطه.
وأعرب اتباع مؤسسة «عرفانه حلقه» في ايران والدول الاجنبية التي يتواجد بها أتباعه، عن قلقهم من الحكم بإصدار حكم الإعدام علي طاهري، مؤكدين رفضهم لمثل هذه الأحكام ومحذرين السطات الإيرانية من الإقدام على محاكمته.
هجوم رجال الدين
ولاقت أفكار محمد علي طاهري، رفضا شديدا من قبل رجال الدين في إيران، واعتبرته انحرافا وطعنا في ولاية الفقيه وتقليد المراجع الدينية، وقال رجل الدين الإيراني ايه الله مكارم شيرازي: «هذه الطوائف ليس لها مصداقية وتهدف إلى الاستفادة من هذه الانحرافات».
وحذر المرشد الأعلى للثورة الاسلامية ايه الله علي خامنئي ابناء الشعب الإيراني من الانضمام والإيمان بأفكار هذه الطائفة قائلًا: «يجب تجنب المشاركة في هذه الاجتماعات وأي عمل من شأنه تشجيع هؤلاء الأفراد وهذه الفئات».
وقال طبطبائي «قبل حوالى أربعة أشهر، ألغت المحكمة العليا للمرة الثانية عقوبة الإعدام بحق موكلي وأحالت الملف الى محكمة من الدرجة الأولى حكمت عليه بالسجن خمس سنوات بتهمة الفساد بدون أسباب تشديدية».
وكان المتحدث باسم السلطة القضائية غلام حسين محسني-ايجائي، أكد في الثالث من سبتمبر الماضي ان طاهري (61 عاماً) زعيم حركة «عرفان كايهاني» (الحلقة الروحانية) حكم عليه بالإعدام للمرة الثانية «بتهمة الإفساد على الأرض عن جميع تحركاته».
وتهمة «الإفساد على الارض» هي الأخطر في ايران، وعادة ما تعاقب بالإعدام.
وكان طاهري الذي يتحدر من كرمنشاه (غرب) ولم يحصل على أي تأهيل ديني، أنشأ في بداية الألفية الثانية مؤسسة فنية وثقافية.
ووجهت إليه تهمة القيام بأنشطة «شيطانية» وممارسة الطب بطريقة غير قانونية، وأوقف في مايو 2011 وحكم عليه بالإعدام مرة اولى في يونيو 2015 بتهمة «إهانة القيم المقدسة» و«الافساد على الأرض».
لكن المحكمة العليا ألغت في ديسمبر 2015 هذا الحكم الأول بالإعدام، وكان محاميه أوضح ان موكله طلب العفو عن سلوكه وتخلى عن معتقداته.
واخيراً استبدلت عقوبته الأولى بالاعدام بالسجن خمس سنوات أمضاها بالكامل، كما قال طباطبائي. وأضاف «بعدما أمضى هذه العقوبة التي أنجزت قبل سنتين، أبقي مع ذلك في السجن المؤقت».
واليوم، صدر الحكم الجديد بالسجن خمس سنوات بتهمة «الإفساد بدون أسباب تشديدية»، بموجب المادة 286 من قانون العقوبات الاسلامي.