في الوقت الذي تصارع فيه الجمهورية الإسلامية أطراف قوية على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، ثم تدخل على خط فرنسا ممثلة عن الدولة الأوروبيية، تجد طهران نفسها أمام قلق جديد في المنطقة العربية ليس ممثل في السعودية بل هو في البحرين، المملكة التي تربطها بين طهران أزمات واتهامات دائمة بنشر التشيع في المملكة لإسقاطها.
ورفضت إيران مؤخرا اتهامات وجهتها لها المنامة ومفادها ان طهران دربت شخصين اوقفا في البحرين بتهمة تنفيذ اعتداء ضد خط انابيب نفط في المملكة، ووصفتها بانها «كاذبة ولا اساس لها».
وجاء في بيان صادر عن الخارجية الايرانية «على القادة البحرينيين ان يبدأوا حوارا جديا مع شعبهم لانهاء الازمة القائمة في بلادهم بدلا من اطلاق اتهامات بالية واسكات مطالب مواطنيهم الشرعية».
استغلال المظالم
الدكتور محمد سعيد عبد المؤمن، أستاذ الدراسات الإيرانية، رأى في تصريح لـ«إيران خانة» أن «للشيعة في البحرين مظالم، تستغلها طهران من حين لأخر وتكشف عن حالة النفوذ المباشرة لها ومن المؤكد أن إيران سوف تنتهز أى فرصة للتأثير على البحرين، كما حدث في 2011، وسوف يستمر الاضطراب الطائفى، حتى ينعم الشيعة بالمساواة فى ظل القانون، وسوف يدفع عملاء إيران المؤثرون حركة المعارضة إلى التطرف، من أجل الإطاحة بالنظام الملكى وطرد الأمريكيين من البلاد».
وأشار سعيد، إلى أن «الشيعة أصبحوا قوة مؤثرة لكنهم لا يستطيعوا مجابهة الأقلية السنية المسيطرة على الحكم فى أصغر بلد عربى؛ حيث تنتمى الأسر المالكة، وقوات الأمن، وجانب كبير من نخبة رجال الأعمال إلى السنة، فى بلد يعيش فيه مواطنون أصليون من المسيحيين واليهود أيضا، بينما ينتمى أغلبية السكان إلى الشيعة؛ حتى إن البحرين تضم أعلى نسبة من السكان الشيعة مقارنة ببقية البلدان العربية، بما فيها العراق».
سيطرة سابقة
وأوضح أنه في 1970، بينما كانت بريطانيا بسبيلها لإنهاء احتلال البلاد، طالب شاه إيران بضم البحرين إلى بلاده، اعتمادا على أن إيران كانت تسيطر عليها حتى القرن السادس عشر، عندما استولى البرتغاليون على الجزيرة، وكان أمام شيعة البحرين الفرصة للمطالبة بالوحدة مع إيران، فى استطلاع الرأى الذى تم برعاية الأمم المتحدة عام 1970، ولكنهم بدلا من ذلك شاركوا غالبية البحرينيين من السنة والمسيحيين واليهود اختيار الاستقلال. فصارت البحرين دولة مستقلة فى 1971.
بداية المتابع
وبدأت المتاعب الحقيقية فى السنوات التى تلت ذلك، عندما سعى الخمينى إلى نشر أيديولوجيته فيما وراء حدود إيران، وعلى الرغم من أن بعض شيعة البحرين تورطوا فى الخيانة عام 1981، إلا أن ذلك أسفر على تعميم الذنب على الجماعة الشيعية، تصرف غير عادل من الحكومة البحرينية.
محاولة الانقلاب
وعززت محاولة انقلاب الشعور بالأزمة الذى استغلته الحكومة لتبرير تعليق الدستور والبرلمان. ومع ذلك، تبدد الشعور بالأزمة الملحة بداية من أوائل التسعينيات. وظلت إيران ملتزمة بتصدير الثورة، ولكن عقب ثمانى سنوات من الحرب المدمرة مع العراق، ووفاة آية الله الخمينى، تراجع سلوك إيران العدوانى تجاه جيرانها.
تقسيم البحرين بالمذهبية
وأكد سعيد أن «عمليات تقسيم الأقاليم المحلية، بما يضمن الهيمنة السنية، مهد الطريق لأحداث 2011. فمع اندلاع أحداث الربيع العربى التى أطاحت ببعض الحاكم المستبدين، دعا البحرينيين ليوم الغضب فى 14 فبراير 2011، مع الذكرى العاشرة للاستفتاء على ميثاق العمل الوطنى.
واستغل المواطنون الشيعة المناسبة، للاحتجاج على سوء المعاملة، والمطالبة بدستور جديد، يشترك فى إعداده الشيعة والسنة معا، والإفراج عن السجناء الشيعة، ووضع حد للتعذيب.
وأدى تدخل قوات الأمن فى ظل القبضة الحديدية لرئيس الوزراء خليفة بن سلمان آل خليفة إلى قتل أحد المتظاهرين. ومثلما يحدث فى أنحاء المنطقة، حفزت جنازته المزيد من المحتجين، مما أدى إلى سقوط المزيد من الضحايا.