كان ترجمة معاني القرآن الكريم أو تفسيره جزء هام من الثقافة الإيرانية منذ دخول الإسلام، حيث كان يتم تفسيره كاملًا أو تفسير أجزاء منه، وكان أحيانًا يتم اختتام الترجمة بفهرس لآيات القرآن أو بقواعد التجويد، وهناك عديد من الكتب التي تم كتابتها داخل هذا المجال في إيران، ويعد من أشهر الكتب التي كتبت في هذا الشأن هي ترجمة “قرآن مجيد” لأميد مجد، والتي تقع في حوالي ستمائة وخمس صفحات من القطع المتوسط.
تبدأ مقدمة الكتاب بالحديث عن السبب الأصلي لكتابة هذه الترجمة لمعاني القرآن الكريم، فيوضح أنه سهر في إحدى ليالي شهر يونيو حتى الصباح، وأثناء هذا الوقت أمسك بالمصحف وأخذ يتأمل معانيه التي كانت صعبة في المرة الأولى، ولكنه عندما فكر في نظم هذه المعاني داخل الشعر وجدها أنها ستكون مستقرة في الروح والنفس، وبدأ منذ هذه الليلة في هذا بالفعل خاصة بسبب قدرته على نظم الشعر، واستغرق ذلك ثلاثمائة يوم أي عشرة شهور، وبالفعل استطاع بعدها إنجاز هذا العمل ببراعة كبيرة.
كما ذكر في مقدمة كتابه الشاعر الكبير الفردوسي الطوسي صاحب أشهر الكتب الفارسية “الشاهنامة” حيث نظم ترجمته لمعاني القرآن على وزن بحر المتقارب، وهو الوزن ذاته الذي نظمه الفردوسي داخل شاهنامته، متمنيًا في الوقت ذاته أن يلقي عمله استحسان القراء، خاصة بسبب اهتمامه بكل المعاني دون إغفال أو استسهال، بالإضافة إلى رغبته في أن يظل الكتاب نبراسًا طوال السنوات لفهم هذه المعاني المستغلقة على العقول.
رفض
ومع هذا الجهد الذي بذله “أميد مجد” نقد محمد مهدي فولادوند -مترجم معاني القرآن الكريم إلى الفارسية ترجمة نثرية- ما كتبه كجيد، حيث أشار إلى أنه لم يجد هناك حتى الآن ترجمة منظومة لمعاني القرآن الكريم غير منظومة “يوسف وزليخا” التي نظمها الفردوسي الطوسي، والمنظومة التي كتبها “صفي عليشاه”.
ولذلك سبب من وجهة نظره هو أن ترجمة المعاني نظمًا يعد من أصعب الأعمال بل يصل الأمر إلى استحالته، وذلك بسبب تعدد معاني الآية الواحدة، بالإضافة إلى أن الالتزام ببحر واحد فقط لعرض كل معاني القرآن يعد أمرًا صعبًا، خاصة بسبب اضطرار ناظم المعاني إلى الالتزام بالوزن في سبيل عدم الالتفات إلى أشياء أخرى هامة كتوضيح المعنى نفسه.
رد
ومن جانبه أوضح المترجم “أميد مجيد” ردًا على هذا الانتقاد، أنه لا يقول أن ترجمته قد حققت كل ما يرجوه، غير أنه قد قام بهذه الترجمة من أجل تشجيع الأجيال الشابة على قراءة القرآن وتدبر معانيه، بالإضافة إلى إلحاق اسمه بالأسماء التي حاولت فهم هذا الكتاب العظيم، الأمر الذي يعيطه مجدًا كبيرًا وشرفًا عظيمًا.
وقد استطاع المؤلف بالفعل نشر معاني القرآن في اللغة الفارسية، بسبب حب الإيرانيين للشعر في العموم، مما قرب تلك المعاني إليهم، وحببهم فيها بشكل أكبر وأعمق عندما اقتربوا من فهم معانيها من خلال تلك التراجم.