بين القبول والرفض والإشادة والانتقاد خرج أخيرا فيلم “بتوقيت الشام” إلى النور، بعد أن سجل عرضه العالمي الأول خلال النسخة الأخيرة من مهرجان “عشرة الفجر” السينمائي الإيراني مستحوذا على جائزة أحسن إخراج وجائزة أفضل تركيب للأصوات وأخيرا جائزة أفضل موسيقى تصويرية.
وكما كان من المتوقع أحدث الفيلم حالة ضجة كبيرة، كانت قد بدأت منذ مراحل إعداده الأولى حينما أعلن مخرجه الإيراني إبراهيم حاتمي كيا عزمه تنفيذ عمل سينمائي يتناول ما آلت إليه الأوضاع المأسوية في سوريا وسيطرة تنظيم داعش الارهابي على البلد العربي.
فالبعض تخوف من أن يظهر العمل رؤية مغايرة لحقيقة الوضع والمتسببون به، والبعض الآخر رأى أن فيلم إيراني عن الوضع السوري لن يخرج منه سوى وجهة نظر تمجد في إيران وتظهرها في شكل قائد الخير الذي لا يريد سوى السلام والأمان لمنطقة الشرق الاوسط بأكملها وليس لسوريا فقط.
وبالفعل ازدات حدة تلك الانتقادات والتخوفات مع عرض الفيلم بالأخص من الجانب العربي، وهرولت وسائل الاعلام والصحف العربية في انتقاد الفيلم وهو ما ظهر عبر صحيفة العين الخليجية التي تحدثت عن الفيلم تحت عنوان “هكذا يصنع نظام الملالي وهم انتصاراته”.
وفي المقابل قوبل الفيلم بحفاوة بالغة من وسائل الإعلام الإيرانية التي تبارات في نشر عبارات المديح عن ذلك العمل الفني بشكل عام وعن مخرجه بالأخص، ومن بين ذلك ما نشر عبر وكالة تستنيم الإيرانية تحت عنوان “حاتمي كيا يروي بصدق قصة المدافعين عن المراقد المقدسة”.
ولم تقتصر حفاوة الجانب الإيراني على وسائل الإعلام بل جاءت ايضا من قبل العديد من المسئولون بالجمهورية الاسلامية الإيرانية وبالطبع في مقدمتهم اللواء قاسم سليماني قائد فيلق القدس التابع لحرس الثورة الاسلامية والتي انتشرت له صورة يقبل بها جبهة مخرج الفيلم تقديرا واعجابا بتجربته السينمائية الأخيرة.
وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف هو الآخر لم يتكتم على إعجابه بالفيلم كاشفا في منشور له عبر حسابه على تطبيق تبادل الصور انستجرام مؤكدا انه الفيلم ابداع لا مثيل له.
فيما كشفت بعض الصحف الإيرانية أن اللواء محمد علي جعفري القائد العالم لحرس الثورة الاسلامية بعث برسالة إلى مخرجه يؤكد له فيها أن الفيلم وصف شجاعة وجهاد ابناء مدافعي الحرم ويجسد جانبا من مشهد عاصف وفعم بالدفاع عن عزة وتراب ورامة شعوب الشرق الأوسط المظلومة.
وبين هذا الانتقاد وتلك الحفاوة يحكي الفيلم الذي يتشرك في بطولته إيرانيون وسوريون ولبنايون عن واقعة اختطاف طائرة طاقم قيادتها إيراني ينجحون في بداية الاحداث من تحرير الكثير من لاجئي وضحايا تنظيم داعش الارهابي ويحاولون الهروب بهم إلى مكان أمن، لكن الكارثة تحدث حينما يتواجد وسط هؤلاء الضحايا مجموعة من عناصر التنظيم الارهابي بالطائرة ويحاولون السيطرة عليها وعلى طاقم قيادتها ويجبروهم على الاتجاه نحو العاصمة السورية دمشق بغرض تفجيرها هناك بكل ما تحمله في عمل ارهابي جديد من أعمالهم، لكن بفضل قائد الطائرة الإيراني وبطولته ينجح في تحرير كافة رهائن الطائرة وبعد ذلك يفضل الشهادة على أن يساعد هؤلاء الارهابين على تنفيذ مخططهم.
ويتضح من حكاية الفيلم لماذا احتفى به الإيرانيون بتلك الطريقة وفي نفس الوقت لماذا ينتقده العرب بهذة الصورة، خاصة في ضوء رؤية البعض منهم أن إيران الدولة الاولى الممولة للعمليات الارهابية في المناطق العربية.
ولكن برؤية موضوعية لأحداث الفيلم ودون النظر إلى جنسية صناعه او ابطاله، الفيلم من الناحية الفنية يتعدى مرحلة الجودة من حيث التنفيذ او الحبكة الدرامية التي يمكن وصفها بالانسانية في المقام الاول وبكل بساطة فالفيلم يقدم افكار ليس هناك انسان عاقل على وجه الارض قد لا يتعاطف معها او يدعمها فمن منا يؤيد العمليات الارهابية ومن منا سعيدا بما آلت اليه الاوضاع في سوريا وما حدث للسوريين ومن منا لا ينتظر المنقذ الذي يستطيع أن يحول هذا الظلام إلى فجر جديد من الحياة.