لمصطلح كلمة كشكول كثير من المعاني عند المتصوفة، وهو ما يجعل الكلمة واسعة الدلالة بشكل لا يحصى، فالكلمة التي في الغالب ذات أصل فارسي يعد أكثر من استخدمها هم المتصوفة، ثم انتشرت هذه الدلالة فيما بعد داخل كثير من الدول أيضًا، وهو الأمر الذي يجعل من هذه الكلمة محط دراسة العديد، خاصة أن كلمة صغيرة بهذا الحجم يمكنها أن تكون مؤثرة بحجم كبير.
ظهور
لا يوجد تاريخ محدد للوقت الذي ظهر فيه مصطلح الكشكول واستخدام المتصوفة له، غير أن المصادر تشير إلى أن وجوده كان متأخرًا بعض الشىء حيث لم يوجد في العصور الإسلامية الأولى، وكان ظهوره مع تمدد تيار التصوف، غير أنه من المرجح أن بدايته كانت في العصر المغولي ثم انتشر فيما بعد.
ولم يكن الكشكول موضة وقتية ما لبث أن اختفت، ولكنه انتشر بشكل كبير حتى عصرنا الحالي، دون أن يعني فقط الجانب القدسي منه، بل يعلقه الناس في بيوتهم لتزيين المنزل، بالإضافة للتبرك أيضًا.
وعاء أو علبة
كلمة الكشكول هي في الأصل مصطلح فارسي يطلق على نوع من الأوعية التي يستخدمها المتصوفة والذي كان يتم وضع الطعام بداخله، كما يطلق عليه أيضًا “خجكول” والكشكول عبارة عن لحاء جوز الهند البحري، الذي يتم ثقبه من الطرفين، ثم يربط فيهما سلسلة أو حبل حتى يتمكن المتصوف من حمله بهذا الحبل.
تطلق الكلمة أيضًا على على العلب المصنوعة من المعادن كالذهب والنحاس والفضة، وتتميز هذه العلب بالحفر المتقن عليها الذي يغلف العلبة بنقوش مميزة، أحيانًا لا تكون هذه العلب من العدن بل تكون من الساج الهندي، ولهذه العلب أهمية كبيرة بالنسبة للمتصوفة حيث يجمعون فيها مال المحسنين، وينفقون منها على أنفسهم بزهد تمامًا، وعند موتهم يتم إرسال المال الموجود في هذه العلبة إلى عتبات الأئمة المشرفة، أو يضعها المتصوف عند زيارته العتبة المقدسة، وأحيانًا يتوارثه متصوف عن آخر إذا كان المال ليس بالكثير، ويكتب كل متصوف التاريخ الذي حصل فيه على كشكوله، لذا يوجد أحيانًا على بعض الكشاكيل عناوين متفرقة.
متاحف
برع الإيرايون في جعل الكشكول تحفة فنية وهو ما جعلها قطعة من الآثار النفيسة التي وضعت فيما بعد داخل المتاحف، وقد اهتم المصريون بشكل خاص بتجميع هذه الكشاكيل، والتي كان أبرزها مجموعة هيراري بك التي يتم اعتبارها من أقيم المجموعات داخل إيران في النصف الأول من القرن العشرين، والتي تم عرضها داخل معرض الفنون الإيرانية الذي أقيم في القاهرة عام 1935م.
أما متحف الفن الإسلامي بمصر فيحوي كشكول يعد هو الأجمل في العالم كله، ويرجع تاريخه إلى القرن الحادي عشر الهجري، ويتكون هذا الكشكول من الحديد، وله غطاء تم نقشه بأبيات من الشعر إلى جانب رسوم بارزة من الزهور والأغصان والأوراق والطيور، بجانب صورة إلى امرأتين يتوسطان ذلك كله، أنا متحف “جاير أندرسون بالقاهرة” فيحوي العديد من الكشاكيل الخشبية المزين بالجلد.
أعمال كتابية
أطلق كلمة الكشكول على عدد من الكتب الصوفية أيضًا، وذلك مثل كتاب “الكشكول” لبهاء الدين العاملي، الذي يعد من أفضل الكتب الصوفية على الإطلاق، واختار العاملي هذا العنوان لكتابه نظرًا لأنه جمع فيه الكثير من العلوم والفنون المختلفة مثل الفقه والتفسير والحديث والحساب والهندسة والجغرافيا والفلك، ومن الشعر والنثر، والبلاغة والنحو، فهو ككشكول يضع فيه كل هذه العلوم سويًا.
كما سار على هذا الاسم كثير من المتصوفة بعده، مثل صادق نشأت وهو إيراني الأصل وأقام في مصر، وطبع كتابه “الكشكول” في مصر غير أنه تميز عن العاملي بترقيم موضوعاته ترقيمًا عدديًا، لتصل الموضوعات التي ذكرها في كتابه 479 موضوعًا، ويتحدث المؤلف في مقدمة كتابه عن سبب اختياره لاسم “كشكول” من خلال سببين هما، أنه فضل عدم ترتيب محتوياته، والثاني هو تأسيًا بالشيخ بهاء الدين العاملي.