نشرت صحيفة «هآرتس» الإسرائلية تقريرا مطولا عن فيلم الرسوم المتحركة الإيراني المثير للجدل “طهران تابو” للمخرج الإيراني على سوزنده بالتزامن مع بدء طرحه بدور العرض السينمائية بالولايات المتحدة الأمريكية، ملمحة أن الفيلم ينتقد بشدة وضع القهر المسيطر على المرأة التي تعيش بالجمهورية الإسلامية الإيرانية وحالة النفاق العامة المسيطر على المجتمع ككل.
الفيلم يتناول في أحداثه حكاية ثلاث نساء ورجل تختلف معالم قصة كل منهم لكن في النهاية القهر الذي يتعرضوا له واحد، مسلطا الضوء على رحلتهم نحو البحث عن طرق خلاقة للتعلب على القيود المفروضة والتحرر من العبودية الجنسية والوصول إلى السعادة التي يقتقدوها بالمجتمع الإسلامي المحافظ كما تنقل الصحيفة عن احداث الفيلم.
ولا تقتصر أحداث الفيلم على قمع النساء فقط بل يتعرض ايضا لعدد من مشاهد الاعدامات التي اصبحت تحدث في إيران بشكل شبه يومي منذ قدوم الثورة الإسلامية، عارضا مشاهد قاسية لعمليات الاعدام العلني والعنف الجنسي واساءة معاملة الحيوانات والانتحار والكثير من القضايا الاخرى.
وتحدث مخرج الفيلم علي سوزنده في العديد من المقابلات الصحفية كاشفا أنه ممنوع من العودة إلى بلاده مجددا بسبب هذا الفيلم الذي لجأ لتقديمه بتقينة الرسوم المتحركة بعد أن منعته أجهزة الرقابة في إيران من تصوير احداث الفيلم بطهران، فلجأ لتصوير تصوير الممثلين الحقيقين ثم اعاد انشاء مشاهد الفيلم لاحقا عن طريق رسوم الكمبيوتر المتحركة، حتى تخرج للمشاهد كما يأمل ويقدم النظرة الخاصة من حيث شكل المباني والمنازل الخاصة بالعاصمة الإيرانية طهران.
وبالعودة مجددا لحكاية الفيلم، فانه يقدم محاولات ثلاث نساء ورجل للتخلص من المحظورات الدينية والعادات والتقاليد المفروضة بالمجتمع الإيراني احداهما باري متزوجة ولديها طفل وحيد لم يتطى عمره العقد الاول حتى الان، وتحاول بشتى الطرق ان تحصل على الطلاق من زوجها المتواجد باحد السجون الإيرانية وفي نفس الوقت تعمل كعاهرة لتدبير نفقات طفلها.
والثانية جارتها سارة متزوجة هي الاخرى وبدأت معانتها بعد ترعضها لعملية اجهاض باجبار من زوجها لانه لا يستطيع تحمل نفقات طفل الان والأخيرة دونيا التي تحاول جمع الاموال من أجل اجراء عملية استعادة لعذريتها التي فقدتها على يد رجل قابلتها في ملهى ليلي حتى يتم زواجها المقبل دون ان يفتضح امرها اما الرجل فهو باباك الذي يأس من الجهل والتخلف الذي يتغلغل بالمجتمع الذي يعيش فيه ولا يأمل في شىء سوى الهروب منها إلى احدى الدول المتقدمة.
الفيلم كان قد عرض في مايو من العام المنصرم بالنسخة الماضية من مهرجان كان السينمائي فيما حصد جائزة افضل فيلم دولي من قبل مهرحان القدس السينمائي الذي قالت لجنة تحكيمه انه يقدم لنا المجتمع الإيراني الفاسد والغير متكافىء من خلال عيون شخصياته المهمشة دون ان يصدر عليهم اية احكام.
وعبر صحيفة “The Daily Beast” اثنى النقاد على تقديم الفيلم للازدوجية الفكرية للاضطهاد السياسي والديني في إيران عبرة عدة مشاهد منها على سبيل المثال افتتاحية الفيلم الذي توافق فيه باري احدى الشخصيات الرئيسية بالاحداث على ممارسة الجنس مع قائد سيارة الاجرة التي تستقلها مقابل المال وفي المقعد الخلفي للسيارة يتواجد ابنها، وكل ذلك بالنسبة لقائد لسيارة امر عادي فما يشغله الحصول على المتعة فقط دون ان يأبه لمشاعر الطفل أو حتى يتأكد هل يدرك ما تفعله والداته المشكلة، ولكن فور ان يلحظ ابنته تمسك بيد رجل غريب في الشارع يسيطر الغضب عليه وتتعطل سيارته بشكل مفاجىء بعد ان تصطدم بالسيارة التي أمامها.
وفي مشهد آخر تحاول باري اقناع قاض باحد المحاكم الثورية الإسلامية ان يوافق على اوراق طلاقها المقدمة للمحكمة من زوجها السجين، لكنه يرفض تماما وحين تيأس من اقناعه يخبرها انه قد يوقع على اوراقها في حالة واحدة فقط اذا وافقت على ممارسة الجنس معه.
مخرج الفيلم كان قد غادر إيران قبل أكثر من عقدين ويعيش في المانيا من ذلك الحين وفي مقابلة مع “هافينغتون بوست” قال إنه يتساءل دائما لماذا الجنس من المحرمات الكبرى في إيران، موضحا انه تحصل على فكرة فيلمه الجديد بعد سماعه لمحادثة بين شابين على متن قطار في طهران يرون قصة لعاهرة تصطحب طفلها الصغير في مقابلاتها مع طالبي المتعة الجنسية مقابل المال.
وأشار إلى أن طموحه الحقيقي يكمن في تحفيز التغيير الثقافي والفكري في وطنه في وقت تتكاثر به المحظورات المتناقضة دون تواجد القدرة على مناقشتها علنا حتى يمكن القضاء عليها والتخلص منها، منهيا حديثه بقوله “لايمكن ان يعطي الفيلم اية اجابات لكنه يمكن ان يجعل الجمهور يفطر واعتقد ان هذة بداية تساعد في نهاية المطاف على تغيير المجتمع.