يستعد الرئيس الايراني حسن روحاني هذا الاسبوع، لإجراء زيارة الى الهند تستمر ثلاثة أيام، للتباحث في «التطورات الاقليمية والدولية الاخيرة»، كما أنه سبق لايران والهند أن تعاونتا في مشاريع أساسية خصوصا مرفأ شبهار في جنوب شرق ايران تم تدشينها في كانون الاول الماضي.
والعلاقات الإيرانية الهندية، تاريخية تعود إلى هجرة الشعوب الآرية من آسيا الوسطى إلى الجنوب، والتي أرست قواعد الثقافتين الفارسية بإيران والهندية الأكبر بشمال الهند، وشكلت اثنتين من أبرز الأديان في تلك المنطقة هي الزرادشتية بإيران والهندوسية بالهند، وحتى دخول الإسلام بلونه الفارسي إلى شمال الهند، وتحول الدول المسلمة المتعاقبة على حكم دلهي إلى اللغة الفارسية كلغة أساسية علاوة على كونها اللغة الأدبية الرئيسية لمعظم مسلمي القارة الهندية قبل تبلور الأوردو وهيمنة الإنجليزية.
وخلال السنوات العشر الماضية شهدت البلدين علاقة صداقة وطيدة بعد تباعد وجيز سببته سياسات الشاه ونظامه البهلوي القريب من الغرب، والذي اعتمد طوال النصف الثاني من القرن العشرين على التحالف مع باكستان، في حين لجأت الهند للانحياز ناحية السوفييت بقيادة جواهر لال نهرو وابنته من بعده، وهو ما جعلها ترحب نسبيًا بسقوط نظام الشاه على يد الثورة الإسلامية، في حين توجس منها النظام العسكري في باكستان.
استثمارات تشابهار
يعد الاستتثمار الهندي في ميناء تشابهار الإيراني المطل على البحر العربي، في مايو 2015 هو أبرز ملامح العلاقة الوطيدة بين البلدين، حيث بلغ نصف مليار دولار، بعد أن وقع رئيس الوزراء الهندي نارندرا مودي بالفعل على اتفاق بدء الأعمال في بناء ميناء ضخم في تلك المدينة الصغيرة، وتعهده بتشكيل منطقة تجارة حرة تستثمر فيها 16 مليار دولار مستقبلًا في المدينة، علاوة على تدشين ممر اقتصادي وتجاري منطلقًا من الميناء وصولًا إلى أفغانستان، بما يشمله ذلك من تطوير البنية التحتية وبناء طرق جديدة وسكك حديدية ناحية الحدود الأفغانية الإيرانية.
كل ذلك حدث في زيارة هي الأولى لرئيس الوزراء الهندي إلى إيران منذ توقيع الاتفاق النووي بين الدول الغربية وإيران العام الماضي، في إشارة واضحة لرغبة الهنود اقتناص نصيبهم من كعكة النمو الإيراني التي يتوقع أن تنطلق بقوة خلال العقد المقبل، لا سيما وأنهم من أوائل الدول التي تمتعت بعلاقات اقتصادية متينة مع إيران وونجحت في الالتفاف على منظومة العقوبات الغربية في السابق إلى جانب الصين وروسيا وتركيا.
لا تقتصر أهمية تشابهار بالنسبة للهند على تجاوز باكستان للوصول إلى آسيا الوسطى، بل وتأمين مصدر موثوق للغاز الطبيعي لعقود طويلة بالنظر لحاجات الاقتصاد الهندي من الغاز والتي تضاعفت بين عامي 2000 و2012، ويتوقع تضاعفها مرتين أخرتين وصولًا لعام 2050، وبالنظر كذلك للبرود الذي يتسم به تنفيذ مشروع خط الأنابيب الممتد من تركمنستان الغنية بالغاز عبر أفغانستان وباكستان وإلى الهند، أولًا نتيجة انعدام الاستقرار في أفغانستان وسهولة استهدافه، وثانيًا نتيجة مروره عبر باكستان والتي قد تهدد بإغلاقه أو تتغافل عن استهدافه على الأقل على أراضيها للضغط على الهند.
بالنسبة لإيران فإن الميناء بشكل مباشر يجعلها تمتلك أول ميناء عميق مما يتيح لها القيام بنفسها بكافة أنواع التجارة المعتمدة على سفن الشحن كبيرة الحجم، بدلًا من اعتمادها المستمر حتى اليوم على الموانئ عميقة المياه في الإمارات كوسيط لاستقبال سُفن الشحن الكبيرة، بالإضافة إلى تشكيل علاقة تجارية خاصة بالهند ثالث أكبر اقتصاد في آسيا بعد الصين واليابان، وأقواها نموًا في الفترة المقبلة على الأرجح بعد تباطؤ العملاق الصيني، وهو ما يصب في تعزيز خطتها الاقتصادية المقبلة بعد رفع العقوبات.
لماذا غضب أمريكا
وتخشى الولايات المتحدة الأمريكية، من العلاقات الوطيدة بيت البلدين، حيث سبق و أبدت قلقا من تحرك الهند نحو اتفاقات تجارية مع إيران خشية أن تقوض العقوبات المفروضة على الأخيرة قبل أن يُغلق ملفها النووي، حيث تقول واشنطن إنه لا توجد ضمانات للتوصل إلى اتفاق نهائي مع طهران قبل انتهاء المهلة المحددة.
الدكتور محمد سعيد عبد المؤمن، يقول في تصريح لـ«إيران خانة«:« العلاقات الإيرانية الهندية تشكل تهديدا للضغط الأمريكي على إيران، حيث أن الاستثمارات الهندية في إيران تقوي من موقفها الدولي، في ظل المحاولات الأمريكية التي تضيق الخناق على طهران في أوروبا»
وأضاف سعيد، «أي تناغم بين إيران وأي دولة آخرى يزعج الولايات المتحدة، التي تحاول أن تجعل طهران بلد معزول عن العالم للضغط عليه اقتصاديا وسياسيا، ومع تطور العلاقات بين إيران ودول أخرى مثل الصين وروسيا ثم الهند وباكستان وقطر يزيد القلقل الأمريكي