يبدو أن الصراع الإيراني الإسرائيلي، ستزداد حدته هذه الأيام خاصة مع تصريحات نارية بين الطرفين وتهديدات عسكرية، عقب إسقاط الطائرة الإسرائيلية المقاتلة f16 بسوريا، ردا على اسقاط القوات الإسرائيلية طائرة الدرون الإيرانية التي اخترفت المجال الجوي للأراضي المحتلة، فجر السبت كما اعتبر مراقبون أن تلك الاشتباكات مؤشر لاندلاع حرب الشمال الأولى بين الطرفين.
و نشر الجيش الإسرائيلي فيديو للحظة رصد وإسقاط طائرة الدرون الإيرانية، فجر السبت، على الحدود الشمالية.
وتلا إسقاط طائرة الدرون الإيرانية غارات نفذتها إسرائيل في العمق السوري، ورد عليها الجانب السوري، ما أدى إلى إصابة طائرة أف 16 إسرائيلية وسقوطها، ونجاة طياريها.
وأعلن الناطق باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي في وقت مبكر من صباح اليوم السبت أن طائرة إسرائيلية مقاتلة من طراز أف16 سقطت شمال إسرائيل بعد استهدافها بنيران الدفاعات الجوية السورية.
وبحسب أدرعي فإن المقاتلة الإسرائيلية قصفت مطار تيفور قرب تدمر، ردا على إرسال طائرة إيرانية دون طيار قال إنها اخترقت الأجواء الإسرائيلية.
إنذار مسبق
وكان الرئيس الإيراني حسن روحاني، أعلن عن رفض بلاده المبدئي برفض وجود أي قوات أجنبية على الأراضي السورية دون موافقة الحكومة السورية.
وقال روحاني خلال مؤتمر صحفي في طهران، الثلاثاء الماضي، إن «دخول أي جيش لأراضي بلد آخر يجب ان يكون بموافقة ذلك البلد .. واذا كانت الحكومة والمواطنون في هذا البلد لا يسمحون بذلك فنحن لا ندعمه ولا نراه جيدا».
حرب الشمال الأولى
أكَّد الخبير العسكري اللواء محمد علي بلال، رئيس أركان حرب الخليج، في تصريح لـ«إيران خانة»:« إن اسقاط النظامم السوري للطائرة الإسرائيلية من طراز F16 يؤشرُ لبدء مرحلة جديدة في الصراع مع «إسرائيل» ، الأمر الذي قد يتطور إلى حرب استنزاف أو حرب واسعة النطاق، تكون فيها «إسرائيل» الخاسر الأكبر.
وأوضح بلال أن «مسألة اشتعال الحرب كان من المتوقع أن تكون على عدة مراحل، ولكن استهداف الطائرة حرق كافة المراحل».
وراى أن «اسقاط الطائرة الإسرائيلية سيجر المنطقة إلى حرب كما أسمتها الاستخبارات الإسرائيلية «حرب الشمال الأولى»، وهي جبهة حربٍ واسعة ضد إسرائيل تمتد من طهران حتى الجنوب السوري، لكن ذلك الامر مرتبط بمدى استيعاب إسرائيل للضربة، ومدى قدرتها على تحمل تَضرر صورة الجيش الإسرائيلي وتآكل ردعه أمام العالم والمنطقة وجبهته الداخلية.
وتوقع بلاب أن تقوم إسرائيل برد قريب لكن بشكل محدود، بسبب صعوبة التضحية بجيشها في حرب بأراضي ومناطق لا سيادة لأحد فيها، كما أنها ستكون فرصة لإيران بالضعط على أمريكا وأوروبا باسقاط المقاتلات الإسرائيلية واحدة تلو الآخرى.
المرة الأولى
وتعتبر هذه المرة الأولى التي تتمكن فيها دفاعات جوية سورية من إسقاط طائرة حربية إسرائيلية، بعد أن نفذت تل أبيب أكثر من 26 هجوما داخل سوريا منذ عام 2013، كان آخرها قبل أيام، عندما قصفت طائرات إسرائيلية مجمع البحوث العلمية بريف دمشق.
وبعد أن كانت دمشق تكتفي بإعلانها الاحتفاظ بحق الرد على الغارات الإسرائيلية، شهد العام الماضي تزايدا في الرد على غارات الطائرات الإسرائيلية عبر الدفاعات الجوية، واعترف محللون عسكريون إسرائيليون مطلع العام الجاري أن هذه الدفاعات باتت تهدد الطائرات الإسرائيلية، وربطوا ذلك بتعزيز إيران وجودها على الحدود مع الجولان المحتل.
ورغم ارتفاع حدة التوتر على الحدود الإسرائيلية السورية بعد إسقاط الطائرة، فإن الحادث جاء على وقع تصعيد تشهده الجبهة الشمالية الإسرائيلية مع كل من سوريا ولبنان، إضافة للمخاوف المعلنة من جانب تل أبيب من اقتراب إيران ومليشياتها من حدود الجولان السوري المحتل.
ومنذ قيام إسرائيل بمناورات واسعة وغير مسبوقة في الجبهة الشمالية في سبتمبر 2017، باتت مناوراتها في الشمال قرب الحدود السورية واللبنانية دائمة بحسب وسائل إعلام إسرائيلية، كما شرعت مؤخرا ببناء جدار أمني فاصل على الحدود مع لبنان مما فاقم التوتر هناك، ودفع بيروت إلى إعلان أنها سترد على أي أعمال تخترق حدودها الجنوبية.
قلق من الصواريخ
وتحدثت تقارير ومراكز أبحاث إسرائيلية عن قلق متزايد في تل أبيب من تنامي الدور الإيراني في سوريا، ونقل طهرانصواريخ متطورة ودقيقة من شأنها كسر التفوق العسكري الإسرائيلي، وأن طهران تسعى لنشر منظومة صاروخية من الساحل اللبناني حتى جنوب سوريا، بحيث يصبح بمقدورها ضرب أي مكان في إسرائيل.
وفي وقت سابق من الشهر الماضي تحدث المحلل العسكري في صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية أليكس فيشمان عن تصاعد ما وصفه بـ«الحرب الخفية» بين إسرائيل وإيران في سوريا.
وقال إن على الإسرائيليين أن يعرفوا أن بلادهم تخوض مواجهة عسكرية وصفها بـ «المنضبطة» ضد منظومة عسكرية إيرانية آخذة بالاستقرار في سوريا.
ولفت إلى أن إسرائيل ترصد سعي إيران لإقامة قواعد جوية وبحرية وبرية في سوريا، وتشكيل «مليشيات شيعية» للقيام بعمليات عسكرية ضد إسرائيل.
إعلان حرب
ويشير فيشمان إلى أن «إسرائيل تعتبر توسيع النفوذ الإيراني في سوريا بمثابة إعلان حرب عليها، وأنه في حال لم يكن الروس والأميركيون قادرين أو راغبين بمنع ذلك بطرق دبلوماسية، «فإنه على ما يبدو لم يبق أمام إسرائيل سوى أن تعمل بنفسها».
ويشير المحلل العسكري الإسرائيلي إلى تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، الذي وصف سوريا ولبنان بأنهما جبهة واحدة أسماها «جبهة الشمال»
وقال فيشمان «ستتواصل الحرب ضد هذه المنظومات بقوة تتغير بحسب رد فعل سوريا وإيران وحزب الله، وإذا لم يتراجع أحد هناك، فإن حربا قد تنشب».
في الإطار ذاته كتب العميد المتقاعد من الجيش الإسرائيلي مايكل هيرتسوغ تحليلا مطولا في معهد واشنطن رجح فيه مواجهة إسرائيلية إيرانية في سوريا.
وقال إن تنامي الوجود الإيراني في سوريا بات يشغل حيزا كبيرا في المشهد الإستراتيجي الإسرائيلي.
وبرأيه فإن المسار الحالي لتصاعد التوتر سيؤدي إلى مواجهة إسرائيلية إيرانية، معتبرا أن العبء يقع على روسيا لمنع التمدد الإيراني قبل انفجار الحرب مع إسرائيل.
وخلص للإشارة إلى أن التصدي للخطط الإيرانية في سوريا سيكون فاعلا بشكل أفضل بكثير إذا كانت إجراءات الردع الإسرائيلية تندرج ضمن إستراتيجية أميركية استباقية، بدلا من أن تحمل إسرائيل وحدها عبء المواجهة.