ذكرت كثير من المؤلفات القديمة عادة كان يحرص عليها الملوك والسلاطين في إيران القديمة، ألا وهي وجود الظرفاء والمهرجين داخل بلاط السلاطين، حيث كانوا يصاحبوا السلاطين، ويسلونهم دائمًا لإبهاجم وإسعادهم، مما جعل لهم مكانة كبرى سواء في بلاط السلطان أو لدى الشعب، لينشروا الفكاهة التي سار على دربها عدد من بني الشعب أيضًا.
أصل المسمى
يسمى “الظريف” في الفارسية باسم “دلقك” وجاء الاسم من مهرج يقال له “طلحك” ثم أصبح اسم المهرجين فيما بعد، ومن المتعارف عليه أن اسم “دلق” يعني الشخص الوضيع والتافه أو الثياب البالية، كما كان يطلق على نوع من الصوف الخشن الذي يلبسه الدراويش والمتصوفة.
سلاطين ومهرجين
تشير كتب التاريخ إلى أن “محمود الغرنوي” كان من أوائل من استضاف المهرجين داخل بلاطه، ثم أصبح عادة لدى الكثير من بعده، مثل الشاه “عباس” والذي عرف عنه كثرة اهتمامه بالمهرجين وإحضارهم في مجالسه، أبرزهم كان شاعر يسمى “عاقلي” الذي كان له الكثير من التصرفات المضحكة التي كانت تدخل في قلبه السرور، إلى جانب شخص آخر هو “ملك علي سلطان” الذي كان يقوم بالاستهزاء بالأشخاص الذين لا يرضى عنهم الشاه.
كان النساء أيضًا لهن تواجد ملحوظ من أجل الضحك في بلاط الشاه، مثل “دلالة قزي” التي كانت دائمة الحضور في بلاط الشاه “عباس” والتي كانت ترافقه في كل الأماكن التي يذهب إليها سواء في المجالس أو حتى في السفر والترحال وأوقات الصيد والنزهة، بل وصل الأمر لأن يحترمها ويقدرها الكثير من رجال الدولة نظرًا للعلاقة المقربة بينها وبين الشاه، وخوفهم في الوقت ذاته من أن تخالط نسائهم حتى لا تقترب من أي معلومات تخصهم، فكانوا يرهبونها ويتقربون إليها في الوقت ذاته!
مشاهير المهرجين
يعد من أشهر المهرجين “كريم شيره اي” وهو مهرج “ناصر الدين شاه” وبسبب مشاركته في الحديث وتقديم فقراته داخل حفل أحد الأعراس هناك ذاع صيته للغاية، وبسبب ذلك أصبح مهرج السلطان، كما اشتهر قبله المهرج “كربىي عنايت” أو “كل عنايت” والذي كان يصطحبه الشاه في كل مكان، ويحترمه الجميع بدءًا من رجال الدولة حتى الرعايا، واعتبره الجميع شخصية هامة ومميزة.
كما عرف أيضًا مهرج آخر وهو “إسماعيل البزاز” الذي كان يعمل مهرجًا للأعيان في بدايته، وبسبب شهرته الواسعة انتقل ليصبح مهرجًا في بلاط الشاه، واشتهر كذلك بجانب خفة دمه بتصدقه على الفقراء، وطيبة قلبه، اشتهر أيضًا مهرجون جائلون في شوارع أصفهان، إذ كانت “أصفهان” المدينة التي عرفت بكثرة تواجد المهرجون بداخلها، وخفة دم أهلها، وكان أشهرهم بها “حبيب الله يوزباشي” الذي وصلت درجة شهرته أن بمجرد تواجده في أي مكان كان يشهد ازدحامًا شديدًا، وذلك من أجل سماعه.
الفكاهة في إيران
وجدت الفكاهة أيضًا فيما يخص أشخاص كثر داخل إيران، إذ اشتهر أشخاص عدة مثل “السيد جمال الدين خوانساري” الذي عرف بكثرة مزاحه، وسرعة بديهته، فكان لا يستطيع أحد المزاح معه لأنه سيرد عليهم، كما اشتهر “آقاي أخلاقي” الذي كان يرتدي دائمًا سروال وسترة وربطة عنق ويحمل حقيبة يد، ويسير بالشوارع يحكي النكات والطرائف لكل من يقابله.